دعوات حقوقية لإيقاف مشاركة الشركات الاستثمارية في مشروع نيوم
دعت منظمات حقوقية دولية، الشركات العاملة في مشروع “نيوم” للتوقف عن مشاركتهم في بناء المدينة الواقعة بمحافظة تبوك والتي تقام على حساب أراضي قبيلة الحويطات. ومن أبرز الشركات التي تقدم استشاراتها وخدماتها لـ”نيوم” التي يشرف عليها ولى العهد محمد بن سلمان، هي: أوليفر وايمان، ماكنزي أند كو، مجموعة بوسطن الاستشارية.
وجاء في الدعوة الحقوقية، أن ”مشاركة هذه الشركات في هذا المشروع لم تمنع آثاره الضارة بحق حقوق الإنسان لسكان المنطقة، بما في ذلك انتهاك حقّهم في استخدام الأرض والإجراءات العقابية لمن عبّروا سلميًّا عن رفضهم التهجير“، وشددت على ضرورة تحمل الشركات المسؤولية الأخلاقية والقانونية المدرجة تحت الأعمال التجارية وحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، سيما أن هذه الانتهاكات تأتي بالتزامن مع حملات قمع أوسع للحقوق المدنية في المملكة.
وقال مركز “صوفان” الاستشاري للشؤون الأمنية إن “انخفاض أسعار النفط بشكل قياسي وزيادة الضغوطات الديموغرافية تشكل تحديات كبرى أمام خطط ابن سلمان المستقبلية”.
وكان خبراء ألمانيون، توقعوا في مقالة نشرتها صحيفة “تاغس شبيغل” الألمانية، انهيار “رؤية 2030” التي يسعى ولى العهد تطبيقها في المملكة بسبب فيروس كورونا والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.
وفي الوقت الذي تواجه “نيوم” فشلا ذريعا في جذب المستثمرين الأجانب بما يضاف إلى سلسلة من الإخفاقات السابقة منذ الإعلان عن البدء في المشروع، تتواصل حملات الاعتقال بحق أصحاب الأرض من أبناء قبيلة الحويطات والتي تواجه خطر الاندثار، بسبب ما يمارس بحقهم من تهجير قسري لاقتلاعهم من أرضهم.
فشل المشروع
ويعاني مشروع نيوم تخبطا كبيرا في قدرته على جذب المستثمرين، وذلك بسبب ما يشوب المشروع من انتهاكات حقوقية، حيث كشف حقوقيون مهتمون النقاب عن تفاصيل الرحلة الفاشلة التي نظمها وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب مؤخراً إلى مدينة نيوم.
وقال الحقوقيون: إن الوزير السعودي دعا رجال أعمال محليين ومستثمرين أجانب إلى رحلته، من أجل تشجيعهم على الاستثمار في ساحل البحر الأحمر، وأضافوا أنه “بالرغم من الجدوى الاقتصادية للمشاريع التي عرضها لكن لم يتشجع أحد لتقديم أي وعد استثماري، خوفا من الحالة البوليسية التي تشهدها البلاد وحملات الريتز”، في إشارة منه إلى اعتقال العشرات من رجال الأعمال والأمراء السعوديين في فندق الريتز كارلتون.
وفي وقت سابق سلطت صحيفة “إندبندنت” الضوء على أزمة نيوم، واعتبرت إن قبيلة الحويطات في السعودية، تواجه خطر الاندثار والتهجير القسري، لبناء مشروع يعبر عن غرور زعيم المملكة، مشيرة إلى أن مشروع مدينة نيوم المفضل لدى ولي العهد محمد بن سلمان يضع البلاد في مواجهة مع ماضيها، وأن السلطات السعودية، قامت في الأشهر الأخيرة بالاعتقال والتحرش والملاحقة، بل والقتل في حق أبناء العشيرة لأنهم تساءلوا عن جدوى المشروع أو لأنهم رفضوا بيع أرض أجدادهم للدولة.
ودعا أفراد قبيلة الحويطات الأمم المتحدة للتحقيق في مأزقها وقالوا إن ما تقوم به السلطة في المملكة يصل إلى حد تدمير جماعة محلية“، وجاء في بيان للقبيلة أنه “بعيدا عن أشرطة الفيديو الترويجية لنيوم التي تزعم أنها ’أرض عذراء‘ فإن قبيلة الحويطات تعيش في أجزاء كبيرة من الأرض ومنذ مئات السنين”، ورغم البطء في تنفيذ المشروع بسبب الوضع الاقتصادي العالمي إلا أن السلطات السعودية تواصل طرد أبناء قبيلة الحويطات من أراضيهم، التي تضم 13 قرية على طول البحر الأحمر.
ونقلت الصحيفة عن الناشطة السعودية في مجال حقوق الإنسان في لندن، علياء الحويطي، وتتحدث باسم القبيلة أنه “عندما بدأوا بمشروع نيوم بداية 2016 وعدهم محمد بن سلمان، أن يكونوا جزءا منها والمشاركة في بنائها وتطوير المنطقة، وفي 2020 أجبروا على ترك الأرض بدون مكان للإقامة فيه، وعندما تفتح فمك وتقول شيئا على منصات التواصل الاجتماعي، تختفي من على وجه الأرض”، وأكدت أن “ولي العهد يقوم بإجبار الناس على الخروج من أراضيهم، بالتخويف والترهيب”. وأضافت بالقول: “تبنى نيوم على عظامنا ودمائنا”.
وتعرض السلطات مبالغ زهيدة للعائلات كي تخرج من أراضيها، ولا تتجاوز الـ3,000 دولار. ولم يقبل بالعروض إلا واحد من كل 30 عائلة، ولجعل حياة الناس لا تحتمل أغلقت المدارس وقطع التيار الكهربائي واندلعت النيران بشكل غامض في الممتلكات، و”يقولون عليك القبول بالعرض وإن لم تقبل، فستطرد ولن تحصل على فلس.. والجو بشكل عام مخيف ومرعب”، كما تقول علياء.
مخاطبة مباشرة للشركات
كما عبرت مجموعة من المنظمات عن مخاوفها من الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها السلطات السعودية في حملتها لتهجير بعض أبناء قبيلة الحويطات تنفيذًا لمشروع مدينة “نيوم” في محافظة تبوك، معتبرةً أن مشاركة الشركات الاستثمارية في هذا المشروع لن تمنع آثاره الضارة بحقوق سكان المنطقة، بما في ذلك انتهاك حقّهم في استخدام الأرض، فضلاً عن الإجراءات العقابية المتخذة بحق كل من عبّروا سلميًّا عن رفضهم التهجير، وذلك كله ضمن حملة قمع أوسع للحقوق المدنية في السعودية.
وفي هذا الإطار، سلطت المنظمات الضوء على مسؤوليات الشركات الأخلاقية والقانونية بموجب المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، داعيةً اياها الاستجابة لهذه المخاوف، من خلال إصدار بيان علني فوري يندد بالانتهاكات المصاحبة للمشروع، كما دعت لإعادة النظر في مسئولياتهم في هذا الصدد، وطالبت تلك الشركات بإعادة تقييم مشاركتها في هذا المشروع، وتعليق هذه المشاركة حال لم تتوافر إمكانية للتصدي لهذه الآثار الضارة بحقوق سكان المنطقة.
ورحبت المنظمات باستجابة مجموعة بوسطن الاستشارية واستعلام مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان خلافًا للشركتين الاستشاريتين الأخريين، معتبرةً أن رد مجموعة بوسطن غير وافٍ، وأن تأكيدها على أن مشاركة الشركة مرهونة بما تعتقد أنه يساهم في التغيير الاقتصادي والاجتماعي الإيجابي، مخالف تمامًا لما نشهده على أرض الواقع.
وفي هذا الإطار حث بيان المنظمات الشركتين الأخريين المتعاقدتين في مشروع “نيوم”، أوليفر وايمان وماكنزي أند كو، على الاستجابة لرسالة مركز موارد الأعمال، وتلخيص ما فعلته للقيام امتثالاً لهذه المسئوليات، كما حثت شركة “ماكنزي أن كو” تحديدًا على تلخيص ما فعلته للالتزام بقواعدها السلوكية.
مسؤولية قانونية وأخلاقية
وأضافت المنظمات في بيانها أنها تحث الشركات الثلاث على الاستجابة المباشرة لمخاوفها من خلال إصدار بيان علني يندد بشكل صريح بالانتهاكات المرتكبة في إطار المشروع، والامتثال مسؤولياتها القانونية والأخلاقية وفق المبادئ التوجيهية للأعمال التجارية وحقوق الإنسان والتزاماتها الداخلية المعنية بهذا الموضوع، واستشارة الجماعات المتأثرة وغيرها من الأطراف المعنية لأجل قياس الآثار الضارة القائمة أو المحتملة لحقوق سكان المنطقة، بالإضافة إلى إعادة تقييم انخراطها في مشروع “نيوم” وتعليق هذه المشاركة ما دامت لا تتوفر إمكانية التصدي للآثار الضارة بحقوق الإنسان الناتجة عنه.
وأكدت على أن هذه الإجراءات تحمل الأثر الإيجابي للوضع في المنطقة، وأن هذه اللحظة تشكل فرصة جيدة لتؤكد هذه الشركات التزامها بالقواعد التوجيهية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان كأساس لعملها.
بدورها تدعو منظمة ”سند“ الحقوقية المجتمع الدولي والشركات المستثمرة والجهات المعنية إلى وقف التعاون مع السلطة السعودية في مشروع نيوم، لما ينذر به المشروع من مخاطر جسيمة على حقوق الإنسان وتهجير الآلاف من سكان المنطقة الأصليين، وتؤكد أن استمرار دعم مشروع السلطة سيأتي على سلب وانتهاك حقوق الشعب السعودي، ويعد ذلك مخالفا لكافة قوانين ومواثيق حقوق الإنسان العالمي.