
التعذيب في السجون السعودية، سياسة حكومية ممنهجة
في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يصادف السادس والعشرين من يونيو من كل عام، تؤكد منظمة سند الحقوقية استمرار السلطات السعودية في ممارسة التعذيب بكافة أشكاله للمعتقلين داخل السجون، وتُجدد سند دعوتها العاجلة إلى المجتمع الدولي والأحرار في العالم، للضغط على السلطات السعودية لوقف ممارسات التعذيب الممنهج والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان داخل السجون ومراكز الاعتقال، وتعتبر سند أن التعذيب في المملكة لا يُمارس باعتباره تجاوزات فردية، بل يُستخدم بشكل منهجي ومؤسسي ضد معتقلي الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتمارسه الحكومة قصداً من خلال أذرعتها الأمنية ودوائرها الجزائية.
تُشير شهادات وتقارير وثّقتها منظمة سند إلى أن السجون السعودية أصبحت بيئة مروعة لممارسات التعذيب الجسدي والنفسي، في ظل غياب الرقابة الحقوقية والقضائية، وانعدام الشفافية، وتواطؤ الجهات المعنية مع الجلادين، وقد وثقت المنظمة لسنوات طويلة حالات متكررة من الضرب المبرح والصعق الكهربائي والتعليق من الأطراف والحرمان من النوم، فضلًا عن ممارسات الإذلال الجنسي والإهانة اللفظية والنفسية بحق معتقلين ومعتقلات على حد سواء.
من بين أبرز حالات التعذيب التي وثّقتها المنظمة، حالة الدكتور علي العمري المعتقل منذ سبتمبر 2017، والذي تعرض لأبشع صور التعذيب، من صعق كهربائي متكرر، إلى إطفاء السجائر في جسده، مما أدى إلى حروق واسعة والتهابات داخلية انتهت بإصابته بفشل كلوي داخل المعتقل، كما تعرض المحامي متعب ظافر العمري للصعق الكهربائي ضمن سلسلة من الانتهاكات الممنهجة التي مورست بحقه في محبسه، ولم تسلم النساء أيضًا من الانتهاكات، إذ وثقت المنظمة تعرض عدد من المعتقلات للتحرش الجنسي بغرض الإذلال النفسي وكسر الإرادة.
إضافة إلى ذلك، يُمارس التعليق من الأذرع أو الأرجل لفترات طويلة كوسيلة لتعذيب المعتقلين وإرهاقهم جسديًا، وقد وثقت المنظمة تعرض الدكتور خالد الراشد لهذا الأسلوب الوحشي، ضمن سياق عام من التعذيب المنهجي، كما يُستخدم الإهمال الطبي كسلاح قاتل ضد المعتقلين، حيث تحرم السلطات كثيرًا من المرضى من الرعاية الطبية اللازمة، ما أدى إلى وفاة المعتقل د. قاسم القثردي هذا العام، نتيجة للإهمال الطبي المتعمد.
الحرمان من النوم أيضًا أداة تعذيب شائعة في السجون السعودية، إذ يُمنع المعتقلون من الراحة عبر الإيقاظ المستمر أو الإضاءة القوية، بما يؤدي إلى إنهاكهم نفسيًا وجسديًا، ومن أبرز من تعرض له أبناء الدكتور سفر الحوالي وفق ماوثقته سند، كما يتعرض العديد من المعتقلين للإهانات اللفظية المستمرة، والشتائم والسخرية، ناهيك عن احتجازهم في زنازين انفرادية لفترات طويلة مما يتسبب في تدهور صحتهم النفسية إذ أنه ومنذ اعتقال الدكتور عوض القرني والدكتور سلمان العودة في سبتمبر 2017 لايزالون في زنازين انفرادية وهو ما أدى لتدهور حالتهم الصحية.
ومن الأساليب الأخرى التي رصدتها سند: تقييد الأيدي والأرجل بالأغلال، والضرب في المناطق الحساسة، والسحب بالسلاسل، واحتجاز المعتقلين السياسيين مع مرضى نفسيين كما جرى مع الناشط الحقوقي الدكتور محمد القحطاني قبل أن يتم الافراج عنه بعد أكثر من 10 سنوات اعتقال.
تُشدد منظمة سند على أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم، وأن إفلات مرتكبيها من العقاب يُشكّل تهديدًا خطيرًا للعدالة، وانتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها السعودية، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب، وتطالب المنظمة بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة، وتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة، بدءًا من المنفذين وصولًا إلى أجهزة الأمن وصانعي القرار.
كما تدعو منظمة سند إلى السماح للمنظمات الحقوقية المستقلة والمراقبين الدوليين بزيارة السجون السعودية، والاطلاع المباشر على أوضاع المعتقلين، وضمان حصولهم على حقوقهم القانونية والرعاية الصحية والنفسية اللازمة، وتشدد سند على أن محاربة التعذيب في السعودية لن تكون ممكنة دون ضغط دولي حقيقي، وتضامن عالمي صادق مع ضحايا هذا الانتهاك الفاضح للكرامة الإنسانية.
وتؤكد منظمة سند التزامها التام بمناصرة ضحايا التعذيب، وتوثيق معاناتهم، والعمل من أجل مساءلة الجناة، وإنهاء سياسة التعذيب المنهجي في المملكة، نصرة للعدالة، ووفاءً لصرخات المعتقلين والمعتقلات خلف القضبان.