البطالة في السعودية تتفاقم … والاعتقالات تلاحق المطالبين بالحلول

البطالة في السعودية تتفاقم … والاعتقالات تلاحق المطالبين بالحلول

تبقى سياسة تكميم الأفواه وقمع الأصوات في صدارة سياسة نظام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، معاناة الشعب تزداد يوماً بعد آخر تحت وطأة الاستبداد، وسط مظالم منتشرة تسرق الشباب حريتهم وحقوقهم ووظائفهم وتحرمهم الفرص التي هي حق أصيل لكل مواطن . 

وأصبحت المطالبة بحق العمل جريمة عقوبتها السجن بقانون النظام الحالي ، حيث يقبع كثير من معتقلي الرأي في السجون بسبب تعبيرهم عن الرأي حول أزمة البطالة التي يعانيها شباب الوطن ، أو مطالباتهم بحق الحصول على العمل.

نظرة قانونية

يعتبر حق التوظيف والعمل أحد أبرز الحقوق التي لابد أن يتمتع بها كل إنسان، وتتحمل الأنظمة مسؤولية توفير تلك الفرص التي تعين الشعوب على ممارسة حياتهم المعيشية بشكل متكامل من دون ظلم أو نقص أو تمييز.

حيث تنص المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكلِّ شخص حقُّ العمل، وفي حرِّية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومُرضية، وفي الحماية من البطالة، كما أن لجميع الأفراد، دون أيِّ تمييز، الحقُّ في أجٍر متساوٍ على العمل المتساوي.

وتضيف هذه المادة، أن لكلِّ فرد يعمل حقٌّ في مكافأة عادلة ومُرضية تكفل له ولأسرته عيشةً لائقةً بالكرامة البشرية، وتُستكمَل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية، ولكلِّ شخص حقُّ إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.

ولم تنحصر البنود القانونية الدولية على الاعلان العالمي لحقوق الانسان، بل تضمنت معظم البنود القانونية حقوق العمل والتوظيف لكل الأشخاص بلا تمييز، وهو ما ينافي الواقع العام في المملكة التي أصبح النظام المستبد يتفرد في قراراته وحرمان الأشخاص من حق العمل، رغم انتهاك القوانين بشكل صريح.

حقائق وأرقام

ويقع على عاتق النظام السعودي وصناع القرار التخطيط بجد والبحث والتحري لمعرفة آثار البطالة وأسبابها وكيفية علاجها والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، حيث أن البطالة تمثل مشكلة اجتماعية متعددة المخاطر؛ و تمثل أكبر خرق للحقوق الإنسانية والتي تتمثل في حق الشباب في العمل لاسيما وأن الشباب هم اللبنة الأساسية في بناء المجتمعات.

وبحسب الاحصائيات التي يظهرها النظام أمام الإعلام، فقد استقر معدل البطالة لإجمالي سكان المملكة عند 5.8% في الربع الثالث 2022، بينما ارتفع بين السعوديين بنسبة طفيفة إلى 9.9% مقارنة بالربع الثاني من العام 2022.

وارتفع معدل مشاركة السعوديين في القوى العاملة بـ0.7 نقطة مئوية ليصل إلى 52.5%، وارتفع معدل العاملين إلى السكان للسعوديين بمقدار 0.5 نقطة مئوية حيث بلغ 47.3% بالمقارنة مع الربع السابق.

وفيما يتعلق بالتغيرات السنوية لمؤشرات سوق العمل الرئيسة للسعوديين فقد انخفض معدل البطالة بمقدار 1.4 نقطة مئوية. فيما ارتفع معدل المشاركة في القوى العاملة بمقدار 2.7 نقطة مئوية، و كذلك ارتفع معدل العاملين إلى السكان بزيادة قدرها 3.1 نقطة مئوية.

وبلغ معدل البطالة لإجمالي السكان في السعودية، والذي يشمل السعوديين وغير السعوديين، 5.8% في الربع الثالث من عام 2022، دون تغيير عن الربع الماضي، فيما سجل معدل البطالة انخفاضا بالمقارنة بالعام الماضي بمقدار 0.8 نقطة مئوية.

جريمة بعيون النظام

كثير هي الجرائم التي يصنفها النظام المستبد بعقول أصحاب القرار ومزاجياتهم، حيث التعبير عن الرأي والمطالبات بالحقوق وانتقاد سياسات النظام كلها جرائم بعيون النظام، رغم أن القوانين المحلية والدولية قد شرعتها بكل تفاصيلها.

وتأتي قضية المعتقل مهند المحيميد لتعكس واقع شباب المملكة ومعاناتهم، حيث اعتقل في فبراير 2012  بسبب مطالبته بالحقوق وتعبيره عن الرأي، ولايزال معتقلاً بمراكز احتجاز النظام، وتعرض المحيميد داخل المعتقلات الحكومية لأنواع متعددة من الانتهاكات، أبرزها التعذيب النفسي والجسدي والحبس الانفرادي، والتضييق في التواصل مع أهله ومحاميه.

ولم يكن المحيميد الوحيد الذي اعتقل بسبب تعبيره عن رأيه ومطالبته بحق العمل والتوظيف، فقد طال الاعتقال شباب ونساء عدة، بسبب انتقادهم للسياسات الحكومية الاقتصادية أو تعبيرهم عن رأيهم بهذا الخصوص.

مشكلة متجذرة

يتبنى النظام السعودي اليوم سياسة تضليل الحقائق ومحاولة التكتم على إخفاقات ابن سلمان التي شهدها العالم خلال السنوات الخمسة الأخيرة، وهو ما يثير القلق أكثر على ما تتجه إليه الأوضاع المعيشية في المملكة خلال الفترات القادمة.

وتتجذر المشكلة كلما مر الوقت بجانب تمسك النظام في اخفاقاتها ومحاولة التكتم عليها وتضليل الحقائق والانشغال بطرق التغطية على تلك الإخفاقات، مع تجاهل الإصلاحات الحقيقية التي تحتاجها المملكة اليوم.

وعلى ما يبدو أن النظام مصر على اتباع سياسة تكميم الأفواه ومطاردة المطالبين بحقوق العمل والتوظيف، وهو ما يجعل الحريات في مهب الريح فيما لو استمر النظام بسياساته القمعية.

معتقلو الرأي ووظائفهم

هي انتهاكات متسلسلة يتورط بها نظام ابن سلمان، تبدأ بالملاحقة والتضييق والاعتقال، وتنتهي بالتنكيل المتواصل خلال الاعتقال، من تعذيب نفسي وجسدي والاخفاء القسري والتضييق في التواصل مع الاهل والمحامي والمماطلة في الافراج.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه ليشمل الحرمان من الحقوق المشروعة، حيث زيارات الأهل والمعاش يصبح في مهب الريح، فضلا عن الفصل من الوظيفة، وهو انتهاك صريح مباشر يأتي بدافع الانتقام من المعتقل وأهله.

ويمارس النظام السعودي أبشع أساليب الظلم بحق معتقلي الرأي، حيث يترك الحرمان من المعيشة والفصل من الوظيفة، تبعات إنسانية على مستقبله ومعيشة أهله ومستقبلهم، وهو ما يهددهم بالضياع والفقر والحرمان من باقي الحقوق المشروعة.

إصلاح لابد منه

هي أزمة إنسانية حقيقية، تمس حياة الشعب، وتتأزم مع الإصرار الحكومي في سلب حقوق الشباب من الوظيفة، وهو ما يرفع القلق على مستقبلهم ويضيع كفاءات المملكة ويهدر طاقاتهم.

وتحتاج المملكة العربية السعودية اليوم إلى وقفة حقيقية لإنهاء أزمة البطالة والنهوض بالواقع المعيشي من خلال وضع حلول جذرية للمشكلة التي يعانيها الشعب، لترسيخ مبدأ العدالة وضمان حق الشعب في العمل والتوظيف.

ويتطلب من المجتمع الدولي التدخل للضغط على نظام ابن سلمان للتراجع عن سياساته المجحفة، التي تحرم حقوق الشعب من العمل والتوظيف، وتسلب حريته في التعبير عن الرأي والمطالبة بتلك الحقوق.

كما تحذر منظمة سند الجهات الحكومية المعنية بالالتزام بالمواثيق الدولية التي قطعتها أمام العالم، والانشغال بالحلول والإصلاحات الجذرية التي يتطلع إليها الشعب اليوم، والإفراج عن الشباب المعتقلين الذين دخلوا السجون ظلما بسبب تعبيرهم عن رأيهم أو مطالبتهم بحقهم في العمل وإنهاء البطالة.

زر الذهاب إلى الأعلى