نكبة حي الخزامى في الرياض.. قصة الحويطات تعود من جديد!
لم يمض الكثير على تهجير أهالي الحويطات في شمالي غرب السعودية، وما زالت صورة الشهيد عبد الرحيم الحويطي في أذهان الكثير حينما دفع حياته ثمنا للدفاع عن أرضه التي قررت السلطات إقامة مشروع نيوم الحالم عليها. وهاهي رؤية ٢٠٣٠ الهوجاء تأتي بكارثة على سكان مدينة الرياض، حيث يواجه أكثر من ٤٥٠٠ منزل مصير النزع والإزالة لبناء أكبر حديقة في العالم!
فقد فاجأت هيئة تطوير بوابة الدرعية أهالي العاصمة السعودية عن البدء بإجراءات نزع الملكية في حي الخزامى وأجزاء من حيي النخيل وعِرقة شمال غربي الرياض. تأتي هذه الخطوة لتأسيس مشروع سياحي يهدف إلى تطوير الدرعية وتقديمها كمنطقة تراثية ثقافية، الأمر الذي سبب فزعا كبيرا لدى سكّان الأحياء المذكورة، كما عبروا عن حيرتهم من ترك السلطات الأمر دون توضيح. وتبدأ هذه الإجراءات استنادًا إلى الأمر الملكي الصادر بتاريخ 10 شوّال 1442هـ، الموافق 8 يونيو لهذا العام، الذي يقضي باستكمال إجراءات نزع الملكية، بدعوى “المنفعة العامة للعقارات” ، وطلبت الهيئة من مُلّاك العقارات التواصل مع الهيئة للبدء في الإجراءات المطلوبة.
وتريد السلطات لمشروع بوابة الدرعية أن يكون “وجهة تاريخية وثقافية وسياحية على المستوى العالم، حيث أوضح الرئيس التنفيذي للهيئة جيري إنزيريلو أن “هذا المكان وحده يمكنه أن يروي قصة أمّة، ويُلهم أجيالًا قادمة تحقيقًا لتطلعات القيادة وتماشيًا مع رؤية المملكة 2030″، حسب ما نقلت وكالة الأنباء السعودية.
كما أطلق مواطنون وسمَ #انقذوا_حي_الخزامى يبدون فيه دعمهم لأهالي الأحياء المتضررة، كما يعبرون فيه عن اعتراضهم على ما يتعرضون له من انتهاك لحقوقهم، ويقارنون ما حصل فيه بما حصل لأهالي الحويطات. وتعجبوا من ضبابية الأوضاع، وانعدام وجود خط زمني يحدد متى ستبدأ إجراءات التثمين، وكيفية تحديد التعويضات، والعوامل الداخلة فيها.
يقول أحدهم: – خلال هذا الوسم– ”إنّ رؤية 2030 خراب ودمار على الوطن والشعب”. يضيف آخر: ”خطر التهجير القسري يلاحق العديد من العائلات السعودية، ولابد من حراك شعبي لمقاومة هذا التهديد. وكل من يتخاذل في الدفاع عن المتضررين فليعلم أن الخطوة التالية ستضره هو“. كما يحذر د. عبد الله العودة عن أن عمليات التهجير المرتقبة ”بدأت تزحف للمدن في السعودية، مقابل عدم وجود آلية واضحة للتعويض أو وعود عامة.. كل هذا لأجل مشاريع وهمية وقصور ومغامرات غير محسوبة العواقب تقوم بها إدارة مراهقة للبلد“.
يتساءل أحد سكان حي الخزامى في عدة تغريدات، قام بحذفها في وقت لاحق، عن حقيقة وجود رؤية أو خطة واضحة لتنفيذ المشروع! وكيف ستتم عمليات تثمين العقارات على سبيل المثال أو التعويضات. لا يوجد إلا إعلان عائم وغير محدد بوقت أو آلية حسب قوله. مشيرا في الوقت نفسه إلى استغلال تجار العقارات للأزمة المفتعلة برفع أسعار عقارات الأحياء المجاورة بشكل مرعب بسبب نزع أكثر من ٤٥٠٠ عقار بشكل مفاجئ. مما أدى إلى حالة تضخم وهمي أدخلت السكان في خوف وقلق شديدين. أحد الكوابيس التي تؤرق أهالي الحي، حسب صاحب التغريدات المحذوفة، أن التعويض قد لا يشمل ضريبة القيمة المضافة، والتي تمت زيادتها مؤخرا ضعفين. وهل باستطاعة سكان الحي تحدي السلطات بالذهاب إلى محكمة ديوان المظالم التي سيضطرون لها لأول مرة في حياتهم. فيك الخصام وأنت الخصم والحكم.
وعلى الرغم من أن كثير من التغريدات قد احتوت على الثناء على (ولاة الأمر) والتأكيد على طاعتهم مهما كان الأمر، إلا أن حذف كثير من تغريدات الشكاوى من أصحاب الحي يشير بوضوح إلى حقيقة ما يجري في كواليس مشاريع ”السعودية الجديدة“ وأن بلدوزر ”الرؤية“ الأعمى لن يتوقف، وستحطم عجلاته كل ما تبقى من بقايا أمل أو وفاء لدى الشريحة المتبقية ممن لديهم أمل بتغيير أفضل للمستقبل.
في ظل القرارات الاعتباطية والعشوائية التي تغرق بها البلاد مؤخرا على جميع الأصعدة، تتزايد الشكوك حول تعويضات مجزية لقيمة العقارات المسلوبة، ناهيك عن بخس قيمتها أو تأخير تسليم التعويضات. تساؤل مهم يظل ملحا لقاطني الأحياء المنكوبة.
إن الهاجس الأكبر الذي يجب أن يكون في تفكير كل السعوديين هو: ما هو الشيء الذي يمنع هذا التهجير القسري من أن يصلني تحت ذريعة أي مشروع. إن تهجير أهالي قرىً كاملة في سبيل منتجعات نيوم، ومن ثم إزالة أحياء من العاصمة تحت حجة إنشاء أكبر حديقة، لا يمنع من إخراج أهالي مدنٍ وقرىً أخرى تحت ذريعة مشروع وهمي متهور آخر. يجب أن يتم رفض نزع ملكية أي أحد إلا بإذنه مهما كان، كما يجب أن يقف المجتمع في وجه تغول السلطة المقيت في سلب حريات الناس وحقوقهم. لئلا يؤدي هذا الأمر إلا قصة ”حويطي“ آخر.