قتل واعتقال وتهجير.. انتهاكات تطال أبناء قبيلة الحويطات
في 13 أبريل 2020، قتلت السلطات السعودية مواطناً بعد ساعات فقط من نشره مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يعبر عن رفضه لعملية الإخلاء القسري التي تعرضت له مناطقهم الأصلية، والتي تتم كجزء من مشروع “نيوم” الحكومي.
وأدانت العديد من المنظمات الحقوقية عملية القتل خارج نطاق القضاء، والتهجير القسري، واعتبرته جزءاً من حملة منسقة ضد سكان المنطقة المتمسكين بحقهم في أراضيهم.
وفي يناير 2020، كان ولي العهد محمد بن سلمان قد أعلن عن تنفيذ مشروع نيوم ضمن مساحة شاسعة تقع على ساحل البحر الأحمر، على الرغم من أن المعلومات الأولية أشارت إلى أن مشروع نيوم سيبنى داخل الأراضي الصحراوية غير المأهولة، فقد توسع المشروع في المدن والقرى المأهولة، وباشرت الحكومة في مصادرة تلك المناطق المأهولة، وبدأت في شن حملة هجرة قسرية ضد السكان المحليين، ينتمي العديد من منهم إلى قبيلة الحويطات التي تعتبر المنطقة موطن أجدادهم والتي سكنت العديد من البلدات والقرى لقرون.
مقتل مواطن
عبد الرحيم الحويطي هو مواطن من سكان بلدة الخريبة في شمال غرب السعودية. وفي يوم الاثنين 13 أبريل 2020، تم تداول العديد من مقاطع الفيديو التي نشرها أفراد الحويطات في وسائل التواصل الاجتماعي. وفي مقطع مصور له أوضح الحويطي الواقع الذي يعيشه السكان المهددين بالترحيل حيث قال “لو خيرت الناس أن تدفع لها مئة مليون مقابل بيوتهم والله لن يقبلوا، لكن الإرهاب أو الخوف الذي سيطر على الناس استخدموه، يعني كل من قال أنا ضد الترحيل مباشرة داهمته المباحث أو الطوارئ و استخدموا القوة بحقه”.
ووثّقت مقاطع الفيديو وجودًا أمنيًا كثيفًا في المنطقة كان يهدف على ما يبدو إلى طرد السكان المحليين قسراً، وظهر عبدالرحيم بشكل بارز في العديد من مقاطع الفيديو هذه، حيث أشار إلى نيته في عصيان أمر إخلاء الحكومة، بعد عدة ساعات، قتلت قوات الأمن عبد الرحيم في منزله، وتظهر صور من المشهد أن القوات استخدمت الذخيرة الحية بقصد القتل.
بعد يومين من العملية وفي 15 أبريل أصدرت رئاسة أمن الدولة بيانا أقرت فيه بعملية قتل عبدالرحيم الحويطي، واعتبرته أنه كان مطلوبا أمنيا، على مايبدو على خلفية تسجيله مقاطع فيديو عبر فيها عن رأيه في رفض التهجير القسري.
حملة اعتقالات
شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة بين أفراد قبيلة الحويطات بسبب رفضهم للتهجير الذي تدعي السلطات أنه ليس قسريًا، وأنها لن تخرج أحدًا من منزله بالقوة، بينما تثبت ممارساتها على الأرض خلاف ذلك، وهذا ما يتضح من مقاطع الفيديو والصور المنتشرة، والظاهر فيها الإفراط في استخدام القوة ضد سكان قرية الخريبة، وما رافق ذلك من اعتقالات، ثم مقتل عبدالرحيم الحويطي.
و قالت مصادر إن إمارة تبوك في يوم تسليم جثمان عبدالرحيم قد دعت عددًا من أبناء القبيلة للاجتماع في الإمارة لمناقشة الأمر، فقاطع عدد من أبناء القبيلة ورفضوا الدعوة، وتوجهوا لتشييع الجثمان ودفنه، أما من حضروا الاجتماع فقد وعدتهم السلطات بدفع مبلغ مائة ألف ريال لكل شخص منهم، وثلاثمائة ألف لكل شخص ممن تم تعيينهم كمشائخ، وذلك مقابل المساهمة في عمل إعلامي، ومهرجان جماهيري يعلنون فيه البراءة من عبدالرحيم ومن أبناء القبيلة الذين يرفضون التهجير، ويعلنون ما أسمته السلطات بـ“تجديد البيعة”.
مسرحية السلطة
وهذه المسرحية التي تسعى السلطات للقيام بها مستخدمة بعض الأشخاص عن طريق ارغامهم للمشاركة بالقوة والإكراه، أو عبر الرشاوى والأموال، ماهي إلا محاولة للتغطية على مقتل عبدالرحيم الحويطي، وتغطية على اعتقال كل من: (رشيد بن إبراهيم بن مقبول الطقيقي الحويطي، عبدالإله بن رشيد بن إبراهيم الطقيقي الحويطي، عبدالله بن إبراهيم بن مقبول الطقيقي الحويطي، عطالله بن عفنان صالح الطقيقي الحويطي، سلطان بن إبراهيم حسين الطقيقي الحويطي، عون بن عبدالله أحمد الطقيقي الحويطي، خالد بن عبدالله أحمد الطقيقي الحويطي و صالح بن سليم علي الرقابي الحويطي).
تؤكد المصادر أن بعض هؤلاء المعتقلين قد اعتقلوا لدفاعهم عن الطفل “سالم بن رشيد الطقيقي” الذي تم خطفه في سيارة مدنية، وبعد أن حاول بعض أفراد أسرته اللحاق بالخاطفين وتحرير الطفل من قبضتهم تبين أن الخاطفين من جهاز المباحث، وادعوا أن سبب خطف الطفل هو لاعتقاله بعد أن كتب على الجدران عبارة “لن نرحل”.