
حملة سبتمبر بعد ثماني سنوات: الحريات غائبة والحقوق منتهكة
في التاسع من سبتمبر 2017، شهدت المملكة العربية السعودية واحدة من أوسع وأشد حملات الاعتقال التعسفي التي طالت المجتمع المدني، عُرفت لاحقًا باسم “حملة اعتقالات سبتمبر“، فقد استهدفت هذه الحملة العشرات من أبرز الدعاة والمفكرين والأكاديميين والكتاب والإعلاميين والناشطين، دون تمييز بين التيارات الفكرية أو المذاهب الدينية أو الاتجاهات السياسية، بل شملت طيفًا واسعًا من الأصوات المستقلة التي كانت تمثل مرجعيات مؤثرة في المجتمع، سواء على المستوى الفكري أو الاجتماعي أو الحقوقي، أو الاقتصادي.
اتسمت الاعتقالات آنذاك بطابعها المفاجئ والمنظم، حيث جرت في أوقات متقاربة وبأسلوب يوحي بأنها عملية أمنية معدّة مسبقًا، شملت مداهمات ليلية لمنازل المعتقلين، أعقبها احتجاز في أماكن غير معلنة.
ورغم غياب أي إعلان رسمي واضح عن أسباب تلك الاعتقالات، إلا أن طبيعة المعتقلين وتصريحات بعض الحسابات المحسوبة على الحكومة، أوحت بأن الهدف الأساسي كان إعادة هندسة المشهد السياسي والاقتصادي والفكري والديني بما يتناسب مع سياسات ولي العهد محمد بن سلمان، وقطع الطريق أمام أي مساحة للرأي المستقل أو النقد العلني، في إطار تكميم الأفواه وإحكام السيطرة على المجال العام.
لم تقتصر الحملة على الاعتقال فقط، بل شابها منذ بدايتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت الإخفاء القسري، الحرمان من التواصل مع الأسر والمحامين، سوء المعاملة والتعذيب، إضافة إلى التهديد بأحكام قاسية تصل إلى الإعدام، كما ارتبطت هذه الاعتقالات باستخدام القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية والفكرية، بعيدًا عن معايير العدالة والنزاهة.
ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، ورغم مرور ثمانية أعوام، ما زالت تبعات الحملة قائمة، إذ يقبع كثير من المعتقلين خلف القضبان دون محاكمات عادلة أو بأحكام مغلظة وجائرة، فيما لا يزال آخرون رهن الاعتقال دون صدور أحكام بحقهم، في المقابل، تتجاهل السلطات السعودية بشكل متكرر المطالبات الحقوقية الدولية والإقليمية الداعية إلى الإفراج عنهم ووقف الانتهاكات المستمرة.
هذا التقرير يهدف إلى تسليط الضوء على أبرز الانتهاكات التي رافقت حملة سبتمبر، وتوثيق أسماء المعتقلين الذين ما زالوا رهن الاعتقال وفق المعلومات المتوفرة والموثقة لدى منظمة سند الحقوقية وهم 32 معتقلاً، إذ يعتقد أن هناك معتقلين لم يتم توثيق اعتقالهم نتيجة لغياب الشفافية وخوف الأهالي من الابلاغ عن اعتقالهم، مع استعراض الأحكام الصادرة بحق بعضهم، ومن لم يخضعوا لأي محاكمة حتى الآن، فضلًا عن المطالبات الخطيرة التي تقدمت بها النيابة العامة بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق أربعة منهم.