النيابة العامة في السعودية بين بريق النظام وانعدام التطبيق
ليس أسوأ من عدم وجود قوانين وتشريعات إلا وجودها حبرا على ورق دون تطبيق ولا التزام، وهذا أقل ما يمكن قوله عن أنظمة ومواد نظام النيابة العامة السعودية في تعاملها مع معتقلي الرأي والناشطين الحقوقيين في السعودية.
مواد في النظام خارج التطبيق
ففي مادتها الثانية من نظامها تنص على أنه “يُحظر إيذاء المقبوض عليه جسديا ومعنويا، ويحظر كذلك تعريضه للتعذيب أو المعاملة المهينة”. وكل الممارسات من أمن الدولة بأجهزتها المختلفة والنيابة العامة ذاتها تؤكد عكس ذلك. فهذه قضايا تعذيب النساء والتحرش بهن أمثال لجين الهذلول وسمر بدوي وإيمان النفجان وغيرهن لا تزال حاضرة في وسائل الاعلام الدولية والمؤسسات الغربية ولا يستطيع إنكارها أو نفيها النظام السعودي. وما تعرض له المعتقلون الآخرون أمثال سلمان العودة وعلي العمري وعبدالرحمن السدحان مدونة ومعروفة لدى العديد من الجهات الحقوقية في العالم. والأكثر بشاعة في هذا السياق هو ما تعرض له سليمان الدويش وتركي الجاسر من إخفاء وتعذيب بشع تفيد مصادر متعددة أنهم ربما لقوا حتفهم تحت هذا التعذيب. بل إن ما حدث لهما ولغيرهما فيه خرق آخر لجزء من المادة ذاتها والتي تقول” لا يكون التوقيف أو السجن إلا في الأماكن المخصصة لكل منهما” حيث تفيد تقارير حقوقية أنهما أخفيا في أحد السجون السرية غير الرسمية الموجودة في قبو أحد القصور الملكية في الرياض وأنهما تعرضا للتعذيب على أيدي مسئولين كبار في الديوان.
وتقول المادة الرابعة من نظام النيابة العامة ” يحق لكل متهم أن يستعين بوكيل أو محام للدفاع عنه في مرحلتي التحقيق والمحاكمة” وهذا ما لم يتوفر ولم يسمح به مع كل معتقلي الرأي في السعودية دون استثناء في خرق واضح لنظام النيابة العامة وكل أنظمة العالم. ونادت كثير من المنظمات والشخصيات الحقوقية في العالم السماح للمعتقلين بتوكيل محامين وحضور جلسات التحقيق والمحاكمة لكن كل هذه النداءات باءت بالفشل أمام هذا النظام القمعي المستبد.
ونصت المادة الثانية عشرة على أن” يكون التحقيق مع الأحداث والفتيات ومحاكمتهم وفقا للأنظمة واللوائح المنظمة” وفي هذه المادة لم تخرق النيابة العامة نصها فحسب بل تجاوزته بالمطالبة بإعدام أحداث وصغار في السن لأنهم شاركوا في مظاهرات مثل عبدالله الحويطي ومجتبى السويكت.
سبب التناقض
إن وراء هذا الوضع المتردي للتطبيق الحقيقي للأنظمة هو غياب المسائلة الشعبية والمشاركة المجتمعية بسبب انعدام كل مظاهر الديمقراطية والشورى وحرية التعبير. ومن جانب آخر بسبب تداخل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وعدم استقلاليتها، وإنما هي في حقيقة الأمر أداة في قبضة المستبد ينفذ بها بطشه بعد أن يشرعها كما يشاء.