
تقرير الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة بشأن عبدالرحمن السدحان
أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة رأيه رقم 30/2022 في جلسة عقدها بين 30 مارس و8 أبريل 2022، وتم نشر التقرير بتاريخ 19 سبتمبر 2022، تناول فيه قضية الموظف الإغاثي السعودي عبد الرحمن السدحان، مؤكدًا أن احتجازه من قبل السلطات السعودية يُشكّل انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ويقع ضمن أربع فئات من الاحتجاز التعسفي، داعيًا إلى الإفراج الفوري عنه، وتعويضه، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة بحقه. احصل على الرأي من هنا
الاعتقال دون سند قانوني وإخفاء قسري مطوّل
أكد التقرير أن عبد الرحمن السدحان اعتُقل في 12 مارس 2018 من مقر عمله في هيئة الهلال الأحمر السعودي بالعاصمة الرياض، من قبل عناصر أمن بملابس مدنية يتبعون لرئاسة أمن الدولة، دون مذكرة توقيف أو إبلاغ بأسباب الاعتقال، كما لم يُسمح له بالاتصال بأسرته أو بمحامٍ منذ لحظة احتجازه.
وبحسب ما ورد في التقرير، فقد تم اقتياده إلى مكان مجهول، وصودرت ممتلكاته الشخصية دون أي مسوغ قانوني، فيما ظلت أسرته تبحث عنه لأشهر دون أن تتلقى أي معلومات رسمية عن مكان وجوده، وفي ظل إنكار السلطات وغياب المعلومات، اعتُبر مصيره مجهولًا، ما يُعد إخفاءً قسريًا بموجب القانون الدولي.
وقد استمر هذا الإخفاء القسري لفترة تقارب العامين، حيث لم يُسمح له بأي تواصل مع أسرته إلا في فبراير 2020، في مكالمة لم تتجاوز الدقيقة الواحدة، ثم أعيد عزله مجددًا، وحتى بعد ذلك، ظلت سلطات السجن تمنع الزيارات أو التواصل المنتظم، مما أكد استمرار ظروف الاحتجاز غير القانونية.
تعذيب ممنهج ومعاملة لا إنسانية
وثّق التقرير شهادات وشكاوى حول تعرض عبد الرحمن السدحان للتعذيب الشديد خلال فترات احتجازه في أماكن سرية، حيث تعرض للصعق الكهربائي، الضرب المبرح الذي أدى إلى كسر عظامه، التعليق من القدمين، الحرمان من النوم، التهديد بالقتل والذبح، الإهانات اللفظية، والحبس الانفرادي المطوّل.
وقد أُجبر السدحان على توقيع “اعترافات” تحت الإكراه، وهو معصوب العينين، ودون تمكينه من حضور محامٍ أو الدفاع عن نفسه، ما يُعد انتهاكًا فادحًا لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان الأساسية.
محاكمة سرية وتهم ملفقة تستند إلى حرية التعبير
وبحسب تقرير الفريق الأممي، فقد تمت إحالة عبد الرحمن السدحان إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، وهي محكمة تُعرف باستخدامها في قمع المعارضين السلميين، حيث خضع لمحاكمة سرية، وحُرم من تعيين محامٍ مختار، ولم يُمنح الوقت أو الوسائل اللازمة للاطلاع على الأدلة أو إعداد دفاعه.
وقد استندت النيابة العامة في اتهاماته إلى تغريدات ساخرة نُسبت إلى حسابات تويتر يُزعم أنه كان يديرها، دون أن تُثبت صلته بها، ووجهت له تهم تتعلق بـ“تمويل الإرهاب” و“التعاطف مع تنظيم داعش” و“الإضرار بالنظام العام“، وهي تهم رآها الفريق الأممي غامضة ومبنية على قوانين فضفاضة تستخدم لتجريم التعبير عن الرأي، في انتهاك مباشر للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
حكم جائر وتجاهل لمبادئ العدالة
في 5 أبريل 2021، أصدرت المحكمة حكمًا قاسيًا بحق عبد الرحمن السدحان بالسجن لمدة عشرين عامًا، تليها عشرون عامًا أخرى من حظر السفر، دون أي اعتبار للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وقد تم هذا الحكم دون الاستماع السليم لدفوع الدفاع أو التحقيق في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة.
ورغم تقديم طعن أمام محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا، إلا أن النظام القضائي السعودي تجاهل جميع الادعاءات المتعلقة بالتعذيب والاحتجاز التعسفي، وأيد الحكم الصادر دون تعديل.
فريق الأمم المتحدة: احتجاز السدحان يُعد جريمة ضد الإنسانية
أوضح الفريق العامل أن احتجاز عبد الرحمن السدحان يقع ضمن أربع فئات من الاحتجاز التعسفي، هي:
- غياب الأساس القانوني للاعتقال (الفئة الأولى).
- الاعتقال بسبب ممارسة حرية التعبير (الفئة الثانية).
- انتهاك معايير المحاكمة العادلة (الفئة الثالثة).
- التمييز القائم على الرأي السياسي (الفئة الخامسة).
وأكد الفريق أن هذه الانتهاكات تعكس نمطًا منهجيًا في السعودية، يُشكل تهديدًا خطيرًا لحالة حقوق الإنسان، وقد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي.
دعوة أممية للإفراج والتعويض والمحاسبة
دعا التقرير السلطات السعودية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن عبد الرحمن السدحان، ومنحه تعويضًا وجبرًا للضرر، وفتح تحقيق مستقل لمحاسبة المسؤولين عن تعذيبه وانتهاك حقوقه، بالإضافة إلى مراجعة القوانين المحلية بما يتماشى مع المعايير الدولية، وعلى رأسها قوانين مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية.
كما طالب الفريق الأممي الحكومة السعودية بالسماح له بزيارة المملكة لتقييم أوضاع الاحتجاز وظروف المعتقلين.
منظمة سند: السدحان لا يزال مختفيًا قسريًا ويقضي حكمًا جائرًا
تؤكد منظمة سند الحقوقية أن عبد الرحمن السدحان لا يزال حتى اليوم مخفيًا قسريًا، وسط استمرار رفض السلطات الإفصاح عن ظروف احتجازه أو السماح لأسرته بالتواصل المنتظم معه، كما لا يزال يقضي حكمًا جائرًا بالسجن لمدة 20 عامًا، في تحدٍ واضح لكل ما ورد في تقرير الأمم المتحدة.
وتحمّل المنظمة السلطات السعودية المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته الجسدية والنفسية، وتعتبر تجاهل الحكومة لتوصيات التقرير الأممي انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وتأكيدًا لغياب الإرادة السياسية لاحترام حقوق الإنسان.
دعوة عاجلة للالتزام بالتوصيات الدولية
تجدد منظمة سند دعوتها للحكومة السعودية إلى الالتزام الفوري بما ورد في تقرير الفريق الأممي، والإفراج عن عبد الرحمن السدحان دون قيد أو شرط، ووقف كافة أشكال الانتهاكات ضد معتقلي الرأي، وفتح صفحة جديدة تحترم فيها كرامة الإنسان وحقه في التعبير والعدالة.