حمد النيل أبو كساوي 9 أعوام من السجن والتعذيب والتنكيل وبلا تهم
حمد النيل أبو كساوي 9 أعوام من السجن والتعذيب والتنكيل وبلا تهم
يتناول هذا التقرير قضية السيد حمد النيل أبو كساوي محمد النور، مواطن سوداني، تعرض للاعتقال التعسفي على يد السلطات السعودية عام 2004 واستمر اعتقاله والانتهاكات الفظيعة التي تعرض لها 9 أعوام.
كابوس الاعتقال
في عام 2004، سافر السيد حمد النيل أبو كساوي من دمشق إلى الخرطوم عبر الطيران السعودي، الذي منحه فيزة ترانزيت لمدة 96 ساعة لأداء العمرة، لكن رحلة السيد حمد سرعان ما انحرفت عن مسارها، فتحولت إلى مأساة إنسانية تُجسّد انتهاكًا جسيماً لحقوق الإنسان.
التقت منظمة سند الحقوقية السيد حمد النيل، وقال في تصريح خاص لسند أن الطائرة التي كان يستقلها توقفت في مطار المدينة المنورة قبل وصولها إلى مدينة جدة حيث كان من المفترض أن يذهب منها إلى مكة لأداء العمرة، إلا أنه وأثناء التوقف اُقتيد إلى مكتب الجوازات في المطار وظل فيه لمدة ساعتين، ثم تم نقله بعد ذلك إلى مكتب المباحث، أُعلم بعدها بأن هناك اشتباه يستدعي أن يذهب إلى داخل المدينة لمدة عشر دقائق فقط.
وافق حمد النيل على الانتقال على ذلك نظراً لأنه لم يكن يشك في شيء، وأن الأمر كما هو على حقيقته اشتباه وسيتم الافراج عنه، ولم يكن يعلم أن ذلك الاشتباه سيستمر تسعة أعوام كاملة في السجون السعودية حسب الوثائق التي أطلعت عليها سند.
وفي السياق ذاته قال حمد النيل أنه تم سحبه إلى خارج المطار رفقة عدد من العساكر، ثم تم دفعه إلى سيارة اسعاف كما تبدوا إلا أنها في الداخل عبارة عن سجن متنقل، وما أن استقر في داخلها حتى تم تقييده وتغطية وجه بقناع أسود، كما عومل بطريقة عنيفة ومهينة لفظياً وجسدياً.
في غرف التحقيق
وفور وصوله إلى سجن المدينة المنورة تم سجنه في زنزانة انفرادية ضيقة متسخة ومتهالكة لمدة تجاوزت 9 أشهر ذاق خلالها صنوفاً شتى من أساليب التعذيب الممنهج على يد المحقق فهد الاحمري والمحقق بدر الشهراني، ولم توجه له أي تهمة أثناء التحقيق سوى مطالبته بالاعتراف بما لايعلم وفق ما أفاد حمد النيل لمنظمة سند، كانوا دائماً يقولون له اعترف بما عندك ، يسألهم بماذا اعترف، يجيبونه نحن نعرف كل شيء فقط اعترف.
ظل أبو كساوي يتعرض لأساليب متنوعة من التعذيب طيلة فترة التحقيق إذ تم سجنه في غرفة باردة، و تعرض للضرب الشديد، كما تم تعليقه، والتلفظ عليه بألفاظ نابية وعنصرية، ولم تكتف السلطات بذلك بل تعرض أيضاً للمنع من النوم، والإجبار على الوقوف ليلة كاملة بشكل متكرر.
عزلٌ تامٌ في سجون السعودية
لم يقتصر الأمر على الاعتقال التعسفي والتعذيب الوحشي الذي واجهه حمد النيل خلال التحقيق، بل زادت السلطات السعودية من معاناته بمنعه من التواصل مع عائلته لسبعة أشهر كاملة، ولم تسمح له إلا بعد دخوله في إضراب عن الطعام، ولم تكتف بذلك بل رفضت طلبه بالتواصل مع سفير السودان في الرياض، سعيًا منها لعزله تمامًا عن أيّ مؤثرٍ خارجي.
محاكمةٌ مُتأخرةٌ وبراءةٌ مُتأخرة
وفي التصريح الذي أدلى به حمد النيل لمنظمة سند الحقوقية وحسب الوثائق التي تلقتها سند ، فإنه لم يتم تقديم أي لائحة دعوى له طيلة فترة اعتقاله، كما أنه في كل مرة يطالب بذلك كان يتعرض لعنف وتعذيب شديد، وبعد تسع سنوات من الاعتقال تم عرضه على المحاكمة والحكم ببراءته لعدم وجود أدلة كافية على اعتقاله، ليقضي القاضي بالإفراج عنه. ( تحتفظ سند بصك الحكم الصادر من المحكمة).
الإقامة الجبرية
رغم تبرئته من قبل المحكمة والإفراج عنه، ومصادقة محكمة الاستئناف على ذلك، ظل حمد النيل عاماً كاملاً تحت الإقامة الجبرية في السعودية، ليكمل عشر سنوات كاملة رهينة اشتباه غير مبرر، متنقلاً بين خمسة سجون سعودية هي سجن المدينة المنورة، وسجن الرويس في جدة، وسجن ذهبان، وسجن شعار، وأخيراً السجن المركزي في الرياض.
الخاتمة
تجسد قضية حمد النيل أبو كساوي مثالاً واضحاً على تردي حقوق الإنسان في السعودية في ظل نظام قمعي استبدادي يفتقر لأبسط أساليب العدالة، ناهيك عن منع أيّ زياراتٍ حقوقيةٍ للسجون السعودية المكتظة بالمعتقلين المظلومين والمنسيين.
تشكل هذه القضية دعوة للمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للضغط على الحكومة السعودية لوقف حملات الاعتقال وسلاسل الانتهاكات، والسماح للمراقبين بزيارة السجون السعودية، والإفراج عن جميع المظلومين المعتقلين فيها.