الضرائب في السعودية لخدمة القمع
كان ١ يناير ٢٠١٨ يوما لا ينسى في ذاكرة السعوديين حين فرضت الضرائب في المملكة لأول مرة بمسماها الحقيقي٬ وإن كانت توخذ من قبل السلطات بطرق عدة قبل ذلك تحت مسميات مثل الزكاة أو الرسوم. فعلى الرغم من أن رؤية ٢٠٣٠ والتي طالما دغدغ فيها الأمير محمد بن سلمان مشاعر السعوديين كثيرا وعدت بعدم فرض الضرائب٬ كما وعدت بإنهاء عصر اعتمادنا على النفط كمصدر دخل رئيس٬ فقد تبين لاحقاً أن جيوب المواطنين كانت هي البديل الوحيد المتاح أمامه لتنويع مصادر الدخل للميزانية المترنحة.
ابتدأ فرض الضريبة في السعودية بفرض ضريبة القيمة المضافة VAT في يناير ٢٠١٨ بواقع ٥٪ ٬ ثم قفزت بشكل مفاجئ للجميع في منتصف ٢٠٢٠ وفي أوج أزمة كوفيد إلى ١٥٪ بواقع ثلاثة أضعاف خلال أقل من عامين٬ ولا يتوقع المراقبون انخفاضها في وقت قريب٬ خصوصا مع عدم وجود خطة اقتصادية يمكن الوثوق والاعتماد عليها. تأتي هذه القفزات الهائلة في رفع قيمة الضريبة في وقت يعاني السعوديون كغيرهم من سكان الخليج والعالم من انخفاض المداخيل وارتفاع معدلات البطالة خصوصاً مع جائحة كوفيد ١٩.
إضافة إلى سوء توقيتها في ظل هذه الأزمات٬ يأتي فرض هذه الضرائب في وقت يزداد تدهور الحالة الحقوقية في البلاد التي تشهد حملات اعتقالات في حق الناشطين بشكل مستمر منذ صعود الأمير الشاب٬ كما تزداد القبضة الأمنية وعمليات الترهيب في كل وسائل التواصل والإعلام. ويتساءل الكثير من السعوديين٬ أليس من المفترض أن يترافق مع عملية فرض الضرائب مشاركة سياسية وتحسن في الحالة الحقوقية٬ ناهيك عن مشاركة شعبية في إدارة أموال الضرائب كما هو النتيجة الطبيعية لهذا النظام الاقتصادي في بقية العالم.
إن استمرار السلطات السعودية في إبقاء أو زيادة قيمة الضرائب أو فرض ضرائب جديدة على الدخل في ظل توحش سياسي ضد أبناء الشعب وفي الوقت الذي لا تقبل السلطة بأي صوت مخالف أو ناقد٬ إنما هو دليل على عدم رغبة السلطات مشاركة أموال الشعب مع الشعب٬ كما يشير بوضوح إلى أن أموال دافعي الضرائب إنما تذهب إلى تغذية الممارسات القمعية بحقهم. ومالم يتم معالجة هذا الملف بشكل عاجل٬ فإن مزيدا من السعوديين سينضمون إلى قائمة الفقراء قريبا٬ كما يغذي حالة السخط الموجودة أصلا في البلاد منذ سنين. وكما يقولون: مس قلبي ولا تمس رغيفي.