حصري: سند توثق اعتقال رجل أعمال يمني مقيم بالسعودية بسبب علاقاته مع مستثمرين أتراك
حصري: سند توثق اعتقال رجل أعمال يمني مقيم بالسعودية بسبب علاقاته مع مستثمرين أتراك
حصلت منظمة سند الحقوقية على وثيقة سرية للمحاكمة التي طالت المعتقل محمد مطهر محمد فضائل يمني الجنسية، وكشفت الوثيقة عن لائحة الدعوى المقدمة ضد فضائل، كما كشفت عن الادلة التي استندت عليها النيابة العامة في اثبات ادعائها، وأساليب التعذيب التي تعرّض لها أثناء التحقيق لإجباره على الاعتراف بتهم يظهر أنه لم يرتكبها.
نبذة عن المعتقل
محمد مطهر محمد فضائل، يمني الجنسية، رجل أعمال و شيخ قبلي، عُرف عنه تأييده للنظام الحاكم في السعودية، والتي انتقل للإقامة فيها منذ عام 2014 بعد الأحداث التي شهدتها اليمن آنذاك، وله العديد من الأنشطة التجارية في السعودية والجمهورية التركية، اعتمدت عليه الحكومة اليمنية في الإصلاح وحلّ الخلافات بين القبائل اليمنية، كما عرف عنه معارضته الشديدة لجماعة أنصار الله “الحوثيين“، حيث تم قتل مجموعة من أقاربه في الحد الجنوبي للسعودية ضد الحوثيين، تم اعتقاله من قبل السلطات السعودية من منزله في 28 يونيو 2020، وقامت بمصادرة هواتفه و أجهزته الشخصية.
لائحة الدعوى المقدمة من النيابة العامة
كشفت الوثيقة والتي حصلت عليها منظمة سند الحقوقية بشكل حصري المتضمنة لائحة الدعوى المقدمة من قبل النيابة العامة ضد المعتقل محمد فضائل، والتي طرأ عليها التغيير أكثر من مرة بعد مرور ثلاث جلسات من المحاكمة؛ حيث أن النيابة العامة قامت بتقديم لائحة دعوى في الجلسات الثلاث الأولى ومن ثم قامت بالغائها واستبدالها بلائحة أخرى، وقد تضمنت لائحة الدعوى الأولى و التي قدمها المدعي العام (عماد بن محمد التويجري): “ارتباط محمد فضائل بأشخاص مشبوهين وقياديين بأحزاب وتنظيمات سياسية معادية للمملكة، وصحفيين وأشخاص لهم أنشطة استخباراتية في دولة تركيا من خلال تواصله مع السيد ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي“.
ومن ضمن التهم التي شملتها لائحة الادعاء العام قيام محمد فضائل بنشر تغريدات عبر معرفاته بمواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك ما من شأنه المساس بالأمن العام، وتأييده لجماعة الاخوان وتمجيده لعناصرها، وتنظيم القاعدة دون ذكر التغريدات.
إلا أنه تم إلغاء هذه اللائحة وتقديم لائحة دعوى أخرى تضمنت اتهامه بتأييد “جماعة الحوثي“، ولا يخفى مافي اللائحة من تناقض حيث اتهم المعتقل بدعم كيانات متناقضة وصل بهم الحال إلى الاقتتال؛ وهم جماعة الاخوان المسلمين، وجماعة الحوثي، وتنظيم القاعدة، علماً أن له مواقف مناهضة للحوثي كما ذُكر سابقاً.
أدلة النيابة العامة
ووفقاً للوثيقة فإن النيابة العامة اعتمدت في إدانة فضائل على حضوره لمؤتمر جمع عدد من المستثمرين في تركيا، شارك فيه فضائل بصفته أحد المستثمرين، وحضر هذا المؤتمر مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي والتقاطه صورة معه، كما اعتمدت النيابة في اتهام فضائل بناءً على احتفاظه في هاتفه بفيديو للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كتب عليه كلمات تمجده وتثني عليه، وصورة للرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وصورة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إضافة إلى احتفاظه بصورة مسيئة للملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد الأمارات سابقاً محمد بن زايد، بالإضافة إلى صورة محادثة في قروب واتساب باسم “المستجدات اليمنية رقم ١“، أما في الجهة الأخرى بشكل مناقض: اعتمدت النيابة العامة أن فضائل يدعم جماعة الحوثي بناءً على حساب فيسبوك يحمل اسم محمد مطهر محمد فضائل، وهو ما نفاه المتهم بأن يكون الحساب له مطالباً السلطات بفحص الأجهزة التي يستخدمها، ولم تثبت النيابة ملكية الحساب له.
عريضة دفاع المتهم
وكشفت الوثيقة التي حصلت عليها سند قيام المتهم محمد فضائل بنفي التهم الموجهة إليه، حيث أن لقاءه مع ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي جاء بعد أن تعرض لعملية نصب في تركيا خسر بسببها مليون وخمسمئة ألف دولار، والتقى أقطاي كونه رئيس هيئة المستثمرين في تركيا لكي يساعده في إيجاد حل لما تعرض له، ولم يكن هناك أي تواصل عدا رسائل جماعية كانت تصله من ياسين أقطاي لم يرد عليها، ووفقاً للوثيقة فإن فضائل كان يحاول التواصل من خلال الاتصال مع ياسين أقطاي إلا أن الأخير لم يكن يرد على اتصالاته.
وحول ادعاء النيابة العامة باحتفاظ فضائل بفيديو للرئيس أردوغان، وكذلك صور مسيئة للملك سلمان وولي عهد أبوظبي سابقا محمد بن زايد، والرئيس المصري السابق محمد مرسي، وزعيم القاعدة، فإن المتهم نفى قصده ذلك وإنما تم تنزيلها على هاتفه بشكل تلقائي كمئات المقاطع والصور التي تحفظ في الهاتف نتيجة استخدام تطبيق واتساب وهو مالا يمكن اعتباره دليل يوجب اتهامه بمثل هكذا تهمة.
مطالب الادعاء العام
وعلى الرغم من افتقار الإدعاء العام لأدلة مجدية إلا أنها طالبت بالحكم عليه بالحد الأعلى من العقوبة الواردة في البند أ–٤٤ في النظام السعودي والذي يتضمن الحكم بما لايقل عن ثلاث سنوات ولاتزيد عن عشرين سنة كل من ثبت انتماءه للتيارات والجماعات المتطرفة، كما طالبت النيابة بالحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة بليغة زاجرة رادعة لغيره لقاء باقي ما أسند إليه، وكذلك الحكم بمنعه من السفر.
حكم المحكمة
ووفقاً للوثيقة فإن المحكمة الجزائية المتخصصة قامت بالحكم عليه مدة 7 سنوات بناءً على التهم التي تقدم بها الادعاء العام، وعلى الرغم من اقرار المحكمة بعدم صحة ملكية الحساب الداعم للحوثيين للمعتقل إلا أنها مع ذلك أثبتت تهمة دعم جماعة الحوثي ضد فضائل، كما قامت المحكمة بإضافة تهمة لم تتضمنها لائحة الادعاء العام وهي دعم حزب الله في لبنان وهو ما نفاه محمد فضائل مؤكداً أن هذه التهمة لم توجه له مطلقاً لا في مكة ولا جدة ولا في الرياض وأنها تهمة أضافتها المحكمة دون دليلٍ ولا مسوغٍ قانوني.
الاستئناف ومضاعفة الحكم
وعلى الرغم من الحكم الذي طال المعتقل اليمني محمد فضائل إلا أن النيابة العامة قامت باستئناف الحكم مدعيةً عدم كفايته، من جهته قام محمد فضائل بالاستئناف أيضا مبدياً استغرابه من إدانته من قبل المحكمة بتهم لايصح اتهامه بها، إلا أن محكمة الاستئناف تجاهلت دفاع محمد فضائل عن نفسه، و قامت بمضاعفة حكمه إلى 25 سنة.
اعتقال غير قانوني
وكشفت الوثيقة التي حصلت عليها سند عن تعرض محمد مطهر محمد فضائل لتجاوزات غير قانونية أثناء اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية، حيث قامت باعتقاله دون حكم أو مستند رسمي بالقبض عليه أو تفتيش منزله فضلاً عن اقتحامه وترويع عائلته.
التعذيب داخل السجن
كما كشفت عن تعرضه لأساليب ممنهجة من التعذيب حيث تعرض للضرب على رأسه، و بطنه، والركل في قدمه، لانتزاع اعترافات منه تحت الاكراه وهو ما حصل، حيث تم انتزاع اقرارين منه، كما تم سجنه في زنزانة انفرادية مدة 4 أشهر وعشرين يوماً، وتم منعه من التواصل مع عائلته وأطفاله المتواجدين في تركيا، وكشفت الوثيقة عن رفض المحكمة طلباً له لتوكيل أخيه للترافع نيابةً عنه في المحاكم التركية ما عاد عليه بخسائر فادحة في استثماراته المتواجدة في تركيا.
وقالت الدكتورة سو كونلان: – عضو المجلس الاستشاري لسند– “إن التهم الموجهة ضد محمد فضائل تظهر العبثية والخطأ الذي أقدم عليه النظام السعودي من أجل السيطرة على حياة الناس داخل البلاد، إن عدم كفاية الأدلة والتناقضات الواضحة في الاتهامات الموجهة إليه، إلى جانب استخدام التعذيب لانتزاع الاعترافات، تُظهر وجود نظام لا يراعي سيادة القانون، هذا هو الوجه الحقيقي للنظام السعودي على عكس محاولاته تصوير نفسه على أنه مجتمع منفتح“.
ترقيات غير قانونية
يذكر أن ثلاثة من موظفي الادعاء العام الذين ترافعوا ضد محمد مطهر فضائل تم تعيينهم قضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة وهم كلاً من: عماد بن محمد التويجري، و عبدالله بن عبدالرحمن الدخيني، ومحمد بن عبدالعزيز الفرهود، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين مازالوا في الادعاء العام وهم كلاً من: راشد بن عبدالله بن راشد الحبشان، وطارق بن إبراهيم الهزاني، و عمران بن احمد بن أبوبكر موسى، وفي نفس السياق فإن اثنين من القضاة الذين تولوا الحكم عليه تم اعتقالهم وطالبت النيابة العامة بإعدامهم بتهمة الخيانة العظمى وهم كلاً من عبد الله بن خالد اللحيدان، و عبد العزيز بن فهد الداوود.