تصاعد حملات التخوين والتحريض ضد المشاركين في وسم #إقالة_وزير_الموارد_البشرية

تتابع منظمة سند الحقوقية بقلق بالغ تصاعد حملات التخوين والتحريض التي تطال مواطنين سعوديين بسبب مشاركتهم في نقاشات عامة عبر منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما تلك المتعلقة بقضايا معيشية تمس فئة واسعة من المجتمع كالبطالة وسوء الإدارة الحكومية.

وقد لاحظت المنظمة نمطًا ممنهجًا تتبعه السلطات السعودية في مواجهة هذه المشاركات، يتمثل في تسليط حسابات إلكترونية، بعضها حقيقي يعود لشخصيات محسوبة على الحكومة، والبعض الآخر وهمي يُعتقد أنه يُدار من قبل جهات رسمية، بهدف تخوين المشاركين والتشكيك في ولائهم، وصولًا إلى اعتقال من تُعرف هوياتهم واتهامهم بتهم فضفاضة تتعلق بـزعزعة الأمنودعم الإرهاب، كما حدث في حالات سابقة خلال السنوات الماضية.

تحوّل المطالب إلى تهم

في السنوات الأخيرة، تحوّلت الهاشتاقات التي يطلقها مواطنون سعوديون للتعبير عن استيائهم من معدلات البطالة المرتفعة، أو للمطالبة بإصلاحات إدارية، إلى ساحة مراقبة ومعاقبة من قبل الدولة.

وبدلًا من أن تتفاعل السلطات مع هذه المطالبات بالشفافية والمحاسبة، يتم التعامل معها باعتبارها تهديدًا أمنيًا، ما يكرس مناخًا خانقًا يجرّم حرية التعبير ويقمع المطالبات المشروعة.

الهاشتاق الأخير: #إقالة_وزير_الموارد_البشرية

في مطلع أبريل 2025، تصدّر وسم #إقالة_وزير_الموارد_البشرية قائمة الأكثر تداولًا في السعودية، إثر موجة غضب شعبي بسبب فشل الوزارة في معالجة أزمة البطالة المتفاقمة، والقرارات المجحفة التي أثّرت سلبًا على آلاف الباحثين عن عمل.

وفورًا، ظهرت حسابات تصف المشاركين في الوسم بالخيانة والعمالة الخارجية، وتلمّح لارتباطهم بجهات معادية للمملكة، وبحسب رصد منظمة سند، فإن هذه الحسابات تُدار إما من قِبل جهات حكومية، أو من قبل لجان إلكترونية منظمة تعمل على بث رسائل التشويه والتهديد.

الإعلام المحلي: أداة ترويج لا مساءلة

كما تفتقر وسائل الإعلام داخل السعودية إلى الاستقلالية، إذ تعمل في الغالب كأذرع ناطقة باسم الحكومة، تعكس وجهة نظرها فقط، وتتجاهل أصوات المواطنين وهمومهم الحقيقية.

ولا يُسمح للمؤسسات الإعلامية المحلية بتناول قضايا البطالة أو النقد الشعبي للوزارات والمؤسسات الرسمية، بل يتم توجيه التغطيات لخدمة الرواية الرسمية وتبرير السياسات المتبعة، حتى وإن كانت محل اعتراض شعبي واسع.

تحذير من تكرار نمط الاعتقال بسبب التغريدات

شهدت السنوات الماضية تكرار نمط مقلق في التعامل مع المواطنين الذين يشاركون في هاشتاقات تطالب بإصلاحات معيشية أو تنتقد أداء مؤسسات الدولة، حيث يبدأ التصعيد غالبًا بعد تحديد هويات المغردين، ليتم استدعاء البعض منهم للتحقيق، فيما يُعتقل آخرون دون أوامر توقيف أو توجيه تهم واضحة في البداية.

وبعد الاعتقال، تُفسَّر التغريدات في إطار قانون مكافحة الإرهاب، وتُوجَّه للمغردين تهم فضفاضة مثلزعزعة الاستقرار، وهي تهم قد تؤدي إلى أحكام سجن طويلة، رغم أن المحتوى في الأصل يُعبّر عن مطالب مشروعة أو معاناة معيشية حقيقية.

وفي ضوء الحملة الحالية ضد المشاركين في وسم #إقالة_وزير_الموارد_البشرية، تحذر منظمة سند من تكرار هذا النمط القمعي، وتدعو السلطات إلى احترام الحق في التعبير السلمي وعدم تحويل المطالبات الشعبية إلى ملفات أمنية.

حالات موثّقة

وفي هذا السياق، تُذكّر منظمة سند بعدد من الحالات السابقة التي وثّقتها المنظمة، والتي شهدت فيها حملات اعتقال على خلفية المطالبات الشعبية بقضايا معيشية ولازالوا رهن الاعتقال حتى اليوم منهم:

بندر الجحدلي: اعتقل في نوفمبر 2019 على خلفية تغريدات تحت هاشتاقات تخص البطالة، ومنذ اعتقاله لم ترد لسند أي معلومات حول ظروف اعتقاله أو محاكمته.

زيد الروقي: اعتقل كذلك في نوفمبر 2019 على خلفية تغريدات تحت هاشتاقات تخص البطالة، ومنذ اعتقاله لم ترد لسند أي معلومات حول ظروف اعتقاله أو محاكمته.

عبدالرحمن الشيخي: في مايو 2021 أقدمت السلطات السعودية على اعتقاله على خلفية تغريدات طالب فيها بتوفير فرص عمل للشباب.

نجوى الحميد: في مايو 2021 اعتقلت ضمن حملة اعتقالات طالت عدداً من النشطاء الشباب بسبب تغريدات ضمن هاشتاق العاطلين.

التوصيات

تدعو منظمة سند الحقوقية إلى:

١الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين بسبب تعبيرهم السلمي عن الرأي.

٢وقف استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لتجريم حرية التعبير، ومراجعة جميع التهم التي تفتقر إلى أساس قانوني واضح.

٣ضمان الحق في التعبير والنقد السلمي، بما يتوافق مع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي التزمت بها المملكة.

٤الاستجابة الجادة للمطالب الشعبية عبر تبنّي سياسات واقعية تُعالج جذور البطالة وتدني الرواتب، وتعيد الاعتبار للكفاءات الوطنية.

٥ضمان التوزيع العادل للفرص والموارد، كخطوة ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز الاستقرار الداخلي.

٦وقف حملات التخوين والملاحقة الأمنية بحق المواطنين بسبب تعبيرهم عن معاناتهم على منصات التواصل الاجتماعي.

الخاتمة

تؤكد منظمة سند الحقوقية أن تجريم المشاركة في النقاشات العامة حول قضايا معيشية مثل البطالة، وتحويلها إلى اتهامات أمنية، يُعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي، وعلى رأسها الحق في حرية الرأي والتعبير.

وترى المنظمة أن هذا التوجه يُشكل تصعيدًا خطيرًا في مسار قمع الحريات العامة، ويعكس إصرار السلطات السعودية على تضييق الفضاء المدني ومنع أي شكل من أشكال النقد السلمي أو المطالبة بالإصلاح.

إن من حق المواطنين التعبير عن آرائهم ومعاناتهم دون خوف من الملاحقة أو التخوين، ومن مسؤولية الدولة أن توفر بيئة آمنة تُصغي فيها لصوت مواطنيها، لا أن تلاحقهم وتُقصيهم.

زر الذهاب إلى الأعلى