وفاة العامل النيبالي راجو في السعودية: إهمال حقوق العمالة الوافدة وتجاهل إنساني يستوجب المساءلة

 

راجو
راجو

 

توفي العامل النيبالي راجو أثناء عمله في السعودية تحت ظروف قاسية وغير إنسانية، لتبرز هذه الحادثة المأساوية معاناة ملايين العمال الوافدين في السعودية الذين يواجهون ظروف عمل غير آمنة ونظام كفالة يقيد حرياتهم ويعرض حياتهم للخطر، تصدر منظمة سند هذا التقرير لتوثيق تفاصيل هذه القضية وتسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الوافدون في السعودية، وفقاً لما كشفه الفلم الوثائقي كشف الغطاء عن المملكة، مطالبة باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الممارسات.

وصل راجو من النيبال بصحة جيدة، لكنه أصيب بمشاكل صحية بعد شهرين من وصوله، إذ عانى من مشاكل في الكلى، ورغم تقديمه شكوى لمدير السكن، فقد قوبلت بتجاهل واعتبارها تمارضًا للهرب من العمل، أمضى راجو سبعة أشهر في السكن يعاني من المرض وسط رفض من قبل الشركة لعلاجه أو السماح له بالعودة إلى بلده، وعندما أصر على العودة إلى وطنه، فوجئ بطلب الكفيل دفع غرامة تعادل خمسة أضعاف راتبه، مما جعله عاجزًا عن المغادرة، استغل صاحب العمل وضعه الصحي وأجبره على العمل رغم تدهور حالته، حتى أن زملاءه اضطروا إلى نقله على كرسي متحرك، قبل وفاته وجه راجو نداء استغاثة لأحد معارفه في النيبال لإنقاذه، لكنه توفي دون أن يتم نقله إلى المستشفى إلا بعد وفاته، لم تُفتح أي تحقيقات من الشركة التي كان يعمل لديها، وأعلنت السلطات السعودية أن سبب الوفاة كان “قصور القلب وتوقف التنفس لأسباب غير معروفة”، كان راجو، مثل العديد من العمال، يعمل دون تأمين صحي.

راجو بعد إجباره على العمل رغم مرضه

يذكر أن أن السعودية أصبحت وجهة رئيسية للعمالة الوافدة من مختلف أنحاء العالم، إلا أن هؤلاء العمال يواجهون ظروفًا صعبة واستغلالًا قانونيًا بسبب نظام الكفالة الذي يُخضعهم بالكامل لسلطة الكفيل، مع أجور زهيدة، وحجز الوثائق، وغياب الحماية القانونية، وظروف سكن غير آمنة، وانعدام للتأمين الصحي، كما تفتقر السعودية إلى الرقابة الفعالة على ظروف العمال، ما يؤدي إلى سلسلة من الانتهاكات التي غالبًا ما يتم تجاهلها من السلطات.

بالإضافة إلى وفاة راجو كشف الفيلم الوثائقي كشف الغطاء عن المملكة عن الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها العمال في السعودية، حيث يعيشون في ظل ظروف عمل قاسية وغير إنسانية، يتضمن ذلك ساعات عمل طويلة تصل إلى 16 ساعة يوميًا وأسابيع عمل متواصلة دون أي استراحة كافية أو إجازة، ما يحرمهم من ساعات النوم الضرورية ويعرضهم لمشاكل صحية خطيرة، كما أظهر الفيلم أن مساكن العمال تفتقر لأدنى متطلبات الحياة، إذ يعيشون بجوار المراحيض وفي أماكن تفتقر للنظافة والتهوية المناسبة، مما يفاقم من خطر الأمراض، وقد أسفرت هذه الظروف القاسية عن وفاة بعضهم، بمن فيهم العامل راجو.

وبيّن الفيلم أن العمال يعانون من تأخر في دفع أجورهم أو حرمانهم منها لشهور، فضلاً عن مصادرة جوازات سفرهم، مما يحرمهم من حقوقهم الأساسية ويفقدهم أي فرصة للدفاع عن أنفسهم، كما أوضح الفيلم أن العمال يواجهون تهديدات وتعرضًا للضغوط في حال تحدثوا عن معاناتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعكس حجم القمع والانتهاكات التي يخضعون لها بشكل يومي.

ومع منح السعودية حق استضافة كأس العالم 2034، يزداد القلق بشأن مصير العمال الوافدين الذين سيزداد عليهم الضغط لبناء المنشآت الرياضية ومرافق البنية التحتية الأخرى، مثل هذه الفعاليات الرياضية لا يجب أن تتم على حساب كرامة وحقوق العمال؛ إذ أن استمرار الانتهاكات قد يؤدي إلى تكرار قصص مؤلمة مثل قصة راجو ما لم يحدث تدخل فوري.

تتحمل السلطات السعودية، وعلى رأسها ولي العهد محمد بن سلمان، المسؤولية المباشرة عن وفاة راجو وعن الظروف اللاإنسانية التي يواجهها العمال الوافدون في السعودية، إن استمرار سياسات العمل القمعية وغض الطرف عن ممارسات الاستغلال تجاه العمالة الأجنبية يُعدّ تواطؤاً من الدولة نفسها، ويشير صمت ولي العهد إلى قبول ضمني بتجاهل حياة وكرامة هؤلاء العمال، مما يؤكد عدم التزام السعودية بأي معايير أخلاقية أو حقوقية.

تدين منظمة سند بأشد العبارات وفاة راجو، وتدعو السلطات السعودية إلى إلغاء نظام الكفالة فورًا وتطبيق قوانين تحمي العمالة الوافدة، كما تطالب الفيفا بسحب استضافة كأس العالم 20234 من السعودية ما لم تلتزم بتوفير بيئة عمل إنسانية تحترم حقوق العمال، وتقوم بتعويض عائلة راجو وكافة عائلات العمال الذين قضو نحبهم في السعودية بسبب سوء ادارة الحكومة السعودية لملف العمالة، إن وفاة راجو ليست إلا مثالًا واحدًا على العديد من الحالات المشابهة التي تحدث يوميًا بين العمال الأجانب في السعودية، في ظل مشاركة حكومية ضمنية في هذه الانتهاكات.

زر الذهاب إلى الأعلى