
خمسة أعوام من الاعتقال التعسفي: النشطاء النوبيون في سجون السعودية
في الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2019، أقدمت السلطات السعودية على اعتقال عشرة مواطنين مصريين من أصول نوبية، قبيل إقامة فعالية ثقافية سلمية كانوا يعتزمون تنظيمها داخل مقر الجمعية النوبية في مدينة الرياض، ورغم عدم توجيه أي تهم رسمية إليهم في ذلك الوقت، أُفرج عنهم بعد نحو شهرين، في ديسمبر من العام نفسه، مع وضعهم على قوائم الممنوعين من السفر.
وفي يوليو 2020، أعيد اعتقال النشطاء النوبيين من جديد، حيث تم احتجازهم في ظروف قاسية، بمعزل تام عن العالم الخارجي، لمدة شهرين متواصلين، خلال هذه الفترة، حُرموا من أي تواصل مع محاميهم أو عائلاتهم.
وفي العاشر من أكتوبر 2022، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة أحكامًا قاسية بالسجن على المعتقلين، تراوحت بين عشر سنوات وثمانية عشر عامًا، وذلك على خلفية تنظيمهم فعالية سلمية لإحياء ذكرى حرب أكتوبر 1973، وفي فبراير 2023 أيدت محكمة الاستئناف هذه الأحكام.
وكان المعتقلون قد مثلوا لأول مرة أمام المحكمة في نوفمبر 2021، بعد مرور أكثر من ستة عشر شهرًا على اعتقالهم، وهي المرة الأولى التي تمكنوا فيها من لقاء محاميهم، وقد وُجهت إليهم تهم بموجب قانون مكافحة جرائم الإرهاب السعودي، شملت تأسيس جمعية غير مرخصة، والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، والتعبير عن التضامن مع جماعة إرهابية.
إلى جانب ذلك، رُصدت انتهاكات جسيمة تعرّض لها المعتقلون النوبيون داخل السجون، شملت الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والحرمان من التمثيل القانوني، فضلاً عن الاستناد إلى اعترافات يُرجح أنها انتُزعت تحت الإكراه، كما حُرم كبار السن من بينهم، مثل عادل سيد إبراهيم فقير (68 عامًا) وفرج الله أحمد يوسف (66 عامًا)، من تلقي الرعاية الطبية اللازمة رغم معاناتهم من أمراض مزمنة، ما يفاقم من خطورة أوضاعهم الصحية وعرض حياتهم للخطر.
كما أكدت منظمة العفو الدولية أنّه ما كان ينبغي اعتقال النوبيين العشرة أصلًا، ناهيك عن محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة سيئة السمعة، معتبرة أن استمرار احتجازهم يمثل استهزاءً بالعدالة وانتهاكًا صارخًا لحقوقهم الأساسية، ودعت المنظمة السلطات السعودية إلى إلغاء الأحكام الصادرة بحقهم فورًا، والإفراج عنهم دون قيد أو شرط، باعتبارهم محتجزين فقط بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
وفي السياق ذاته، قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش:”اعتقلت السلطات السعودية تعسفيا هؤلاء الرجال النوبيين على ما يبدو انتقاما لتعبيرهم عن تراثهم الثقافي، تُنفق السلطات السعودية مليارات الدولارات على استضافة الفعاليات الرياضية والثقافية الكبرى للتغطية على الصورة السيئة للبلاد، لكن هذه الاعتقالات توضح مدى ضآلة اهتمام الحكومة بحقوق أي شخص آخر وثقافته“.
وفيما كان ينبغي على السلطات المصرية الضغط على السلطات السعودية للإفراج عن النوبييين أصدرت القنصلية العامة في الرياض عقب اعتقالهم الأول بياناً دعت فيه المواطنين المصريين المقيمين في السعودية إلى عدم تشكيل جمعيات أو كيانات، وإلغاء كافة الكيانات القائمة، وحتى اليوم لم تسجل الحكومة المصرية أي عملية ضغط للإفراج عنهم.
يذكر أن المعتقلون العشرة يقبعون حالياً في سجن أبها بعسير، وهم: عادل سيد إبراهيم فقير، الدكتور فرج الله أحمد يوسف، جمال عبد الله مصري، محمد فتح الله جمعة، سيد هاشم شاطر، علي جمعة علي بحر، صالح جمعة أحمد، عبد السلام جمعة علي بحر، عبد الله جمعة علي، ووائل أحمد حسن إسحاق، وجميعهم ينشطون في الأوساط الثقافية والاجتماعية داخل الجالية النوبية في السعودية، وكانوا يشاركون في تنظيم فعاليات مدنية غير رسمية.
من جانبها، تعبّر منظمة سند الحقوقية عن بالغ قلقها إزاء استمرار اعتقال هؤلاء النشطاء النوبيين، وتدعو سند السلطات السعودية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عنهم، وضمان حصولهم على الرعاية الطبية الملائمة.




