هيومن رايتس ووتش تندد بحكم السجن 20 عاماً على المدرس السعودي أسعد الغامدي وتصفه بالقمع العابر للحدود
هيومن رايتس ووتش تندد بحكم السجن 20 عاماً على المدرس السعودي أسعد الغامدي وتصفه بالقمع العابر للحدود
أصدرت هيومن رايتس ووتش بيانًا اليوم أدانت فيه الحكم الصادر بحق المدرس السعودي أسعد الغامدي بالسجن لمدة 20 عاماً، واعتبرت المنظمة أن هذه الإدانة تعد مثالًا جديدًا على القمع العابر للحدود الوطنية في المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن الحكم جاء بسبب أنشطة أحد أفراد عائلته في الخارج، وهو د. سعيد الغامدي، المعارض السعودي المقيم في لندن، وأكدت هيومن رايتس ووتش أن هذا الحكم يأتي كتصعيد جديد في حملة القمع المتفاقمة التي تشنها السعودية على حرية التعبير وغيرها من الحقوق الأساسية.
في 29 مايو/أيار 2024، أدانت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، وهي محكمة مكافحة الإرهاب، المدرس السعودي أسعد الغامدي (47 عامًا) بارتكاب عدة جرائم تتعلق بتعبيره السلمي على الإنترنت، وكان الغامدي قد اعتُقل في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في مداهمة ليلية لمنزله في حي الحمدانية بجدة أمام زوجته وأطفاله، حيث صادرت قوات الأمن الأجهزة الإلكترونية ونهبت كل غرفة في المنزل، ولم يتم إبلاغه بأسباب الاعتقال أو التهم الموجهة إليه.
ويذكر أن أسعد الغامدي، وهو شقيق محمد الغامدي، المدرس السعودي المتقاعد الذي حُكم عليه بالإعدام في يوليو/تموز 2023 بناءً على منشوراته على موقع X (المعروف سابقًا باسم تويتر) ونشاطه على يوتيوب، كما أن شقيقهم الثالث، سعيد بن ناصر الغامدي، هو عالم إسلامي سعودي معروف ومعارض للحكومة يعيش في المنفى في المملكة المتحدة، وتنتقم السلطات السعودية غالبًا من أفراد أسر المنتقدين والمعارضين في الخارج في محاولة لإرغامهم على العودة إلى البلاد وفقاً لهيومن رايتس.
وأضافت هيومن رايتس ووتش أن السلطات احتجزت أسعد الغامدي في سجن ذهبان بجدة، في البداية في الحبس الانفرادي لمدة ثلاثة أشهر، كما احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي لمدة شهرين تقريبًا، ولم يتلقَ الغامدي زيارته الأولى من أفراد أسرته إلا في 11 يناير/كانون الثاني 2023، وتظهر وثائق المحكمة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش أن السلطات وجهت اتهامات لأسعد الغامدي بموجب المواد 30 و34 و43 و44 من قانون مكافحة الإرهاب السعودي، وهي نفس المواد التي استخدمت في يوليو/تموز 2023 للحكم على شقيقه محمد الغامدي بالإعدام، وتظهر الوثائق أن أسعد الغامدي متهم بـ “الطعن في دين وعدالة الملك وولي العهد” و“نشر أخبار وشائعات كاذبة“، وتذكر الوثائق أن الغامدي اعتقل “لنشره منشورات تضر بأمن الوطن على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر)”.
وأفادت مصادر مطلعة لـ هيومن رايتس ووتش بأن التغريدات التي استخدمت كدليل ضده انتقدت مشاريع تتعلق برؤية 2030، وبرنامج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد البلاد، فضلاً عن التغييرات الأخيرة في الحكومة السعودية، مشيرة إلى “تخليها عن التحالف الديني القديم“، كما نعى الغامدي في إحدى تغريداته الدكتور عبد الله الحامد، مؤسس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية “حسم” الذي توفي في السجن بعد إدانته بتهم تتعلق بنشاط حقوقي سلمي، وقدم تعازيه لعائلته.
وتستشهد الوثائق بمنشورات الغامدي على موقع التواصل الاجتماعي X كدليل ضده، وطالبت بأقصى عقوبة لكل مقال اتهم بموجبه، وطالب الادعاء أيضًا بمصادرة جهاز الغامدي المحمول وإغلاق حسابه على X.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات السعودية عقدت أول جلسة محاكمة للغامدي في 7 سبتمبر/أيلول 2023 في الرياض، ولم تبلغه إلا بعد ذلك بالتهم الموجهة إليه، وفي أواخر أغسطس/آب، عينت المحكمة محاميًا، لكنه رفض لاحقًا تزويد الغامدي أو أسرته بأي مستندات قضائية تتعلق بالقضية، ولم يلتق المحامي بالغامدي إلا في المحكمة أثناء جلسات المحاكمة، ولم يسافر إلى جدة لمقابلته خارج جلسات المحكمة، وكثيرًا ما رفض المحامي مقابلة أسرته ولم يشارك المعلومات ذات الصلة بالقضية معهم.
وأضافت مصادر مطلعة أن المحامي رفض تقديم أدلة على الحالة الصحية للغامدي أمام المحكمة، رغم إلحاح أسرته التي اعتقدت أن ذلك قد يكون دفاعًا مفيدًا، ويعاني الغامدي من مرض الصرع الذي يتطلب عناية طبية مستمرة، إلا أنه لم يتلقَ هذه الرعاية أثناء احتجازه، وفي إحدى الحالات، ظل الغامدي فاقدًا للوعي في الحمام لساعات، وأصيب بتشنج وسقط وكسر إصبعه وسنه، ولم يتلقَ الغامدي رعاية طبية مناسبة سوى نقله لطبيب عام في السجن وليس إلى طبيب متخصص كما يحتاج.
وأعربت مصادر مطلعة لهيومن رايتس: عن قلقها بشأن شقيق أسعد، محمد الغامدي، الذي حُكم عليه بالإعدام بناءً على نشاطه السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، ويعاني محمد الغامدي أيضًا من الصرع وتدهورت صحته بشكل كبير أثناء الاحتجاز، وأفادت المصادر بأن سلطات السجن تجاهلت طلبات محمد المتكررة برؤية طبيب أو زيارة مستشفى حتى أصبح ألمه لا يطاق، وعندما سمحت له سلطات السجن أخيرًا برؤية طبيب، لم يقدم له الطبيب العام أي دواء.
وطالبت هيومن رايتس ووتش السلطات السعودية بتوفير الرعاية الطبية الفورية لأسعد ومحمد الغامدي، بما في ذلك توفير المتخصصين القادرين على علاج حالتيهما الصحية وتوفير الأدوية المناسبة، وانتقدت هيومن رايتس ووتش مرارًا الانتهاكات المتفشية في نظام العدالة الجنائية في السعودية، بما في ذلك فترات الاحتجاز الطويلة دون تهمة أو محاكمة، والحرمان من المساعدة القانونية، واعتماد المحاكم على الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كأساس للإدانة.
وفي السياق ذاته، قالت جوي شيا، الباحثة في شؤون المملكة العربية السعودية في هيومن رايتس ووتش: “إن المحاكم السعودية تصدر أحكاماً بالسجن لعقود على مواطنين عاديين لمجرد التعبير السلمي عن أنفسهم عبر الإنترنت، وينبغي للحكومة أيضًا أن تتوقف عن معاقبة أفراد أسر المنتقدين الذين يعيشون في الخارج“.
ووصفت شيا الحكم بالفظيع، قائلة: “إن هذا الحكم الذي استمر لعقود يثبت أن السلطات السعودية مستعدة لسحق أي معارضة، وينبغي لحلفاء المملكة العربية السعودية أن يدينوا هذه الأحكام ويطالبوا بالإفراج عن السجناء وإنهاء الممارسات القمعية“، من جهتها، نقلت هيومن رايتس ووتش عن د. سعيد الغامدي، شقيق أسعد الغامدي ومحمد الغامدي، قوله: “إن الحكم الباطل يهدف إلى مضايقتي شخصياً بعد محاولات فاشلة من قبل التحقيقات لإعادتي إلى البلاد“.