منظمة سند الحقوقية تصدر تقريرها السنوي لعام 2024 بعنوان: “السعودية الموت المزدوج – إعدامات سياسية وإهمال قاتل”

أصدرت منظمة سند الحقوقية تقريرها السنوي لعام 2024 تحت عنوان: السعودية الموت المزدوجإعدامات سياسية وإهمال قاتل، والذي يوثق أبرز الانتهاكات الحقوقية التي شهدتها المملكة العربية السعودية خلال العام المنصرم، في ظل تصاعد القمع وتراجع الحريات العامة.

ويؤكد التقرير أن السلطات السعودية تواصل ارتكاب انتهاكات ممنهجة بحق المواطنين والناشطين والمفكرين وأصحاب الرأي، متبعة سياسة الترهيب والتكميم، ومتوسعة في استخدام عقوبة الإعدام كأداة لقمع المعارضين وتصفية الخصوم السياسيين، بعيدًا عن معايير العدالة والشفافية.

كما يسلط التقرير الضوء على استمرار الاعتقالات التعسفية لأسباب تتعلق بحرية التعبير، كالنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو التعبير عن التضامن مع معتقلي الرأي، مع الإبقاء على المئات من المعتقلين في ظروف احتجاز سيئة، دون محاكمات عادلة أو إجراءات قضائية نزيهة.

وفي هذا السياق، حذّرت المنظمة من خطورة الانحدار الحاد في منظومة العدالة، وتسييس القضاء، ومنع الرقابة الدولية على المحاكمات، مما يقوض أي مزاعم رسمية تتعلق باستقلالية القضاء وضمان الحقوق الأساسية للمواطنين.

وفي كلمته أكد رئيس مجلس أمناء منظمة سند الحقوقية د. سعيد بن ناصر الغامدي، أن قضايا حقوق الإنسان تظل من أولى القضايا التي تستحق الاهتمام والعمل الجاد، وشدد على أهمية تضافر الجهود بين الحكومات والمؤسسات والإعلام والناشطين، من أجل التصدي لكافة أشكال الانتهاكات الحقوقية حول العالم، وخصوصًا في الدول التي تمارس القمع والترهيب بشكل منهجي.

وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية تمثل مثالًا صارخًا على الأنظمة التي تنتهك حقوق مواطنيها بلا حسيب أو رقيب، من خلال القمع السياسي، ومصادرة الحريات، وانتهاك كرامة الإنسان بأشكال متعددة.

الإهمال القاتل في ملف الحج

وقد تناول التقرير أيضًا جانبًا مأساويًا بالغ الأهمية، يتمثل في الإهمال الإداري الجسيم في تنظيم موسم الحج، والذي أدى إلى وقوع حالات وفاة وإصابات نتيجة سوء التخطيط وضعف الخدمات وعدم وجود آليات فاعلة لحماية الحجاج وضمان سلامتهم وهو ما أطلق  عليه كارثة الحج، وأكد التقرير أن ما جرى يُعد انعكاسًا واضحًا لغياب الشفافية والمساءلة، ولتغليب المصالح التجارية على الاعتبارات الدينية والإنسانية لهذا الركن العظيم.

الغسيل الرياضي والتلميع الحقوقي

وتوقف التقرير عند الاستغلال السياسي والحقوقي للفعاليات الرياضية الدولية، التي تستضيفها المملكة ضمن سياسة ما يُعرف بـالغسيل الرياضي، حيث تستخدم السلطات هذه الفعاليات كأداة لتبييض سجلها الحقوقي وتقديم صورة مضللة عن الواقع الداخلي، في الوقت الذي تُمارس فيه أشد أنواع القمع بحق النشطاء والمعارضين، وأكد التقرير أن هذه الفعاليات لا يمكن أن تُخفي الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق المواطنين، ولا ينبغي أن تكون بديلاً عن الإصلاح الحقيقي.

حقوق المرأة: إصلاحات شكلية واستمرار التمييز

كما رصد التقرير استمرار التمييز الممنهج ضد المرأة السعودية، رغم ما يُروج له من إصلاحات شكلية، وأشار إلى أن المرأة لا تزال تعاني من قيود اجتماعية وقانونية، وأن كثيرًا من الإصلاحات المعلنة لم تنعكس على الواقع العملي، بل يتم استخدامها في سياق دعائي للتغطية على الانتهاكات المستمرة، بما في ذلك ملاحقة الناشطات النسويات وسجن بعضهن بسبب آرائهن أو نشاطهن الحقوقي.

أوضاع العمالة وغياب الضمانات الأساسية

وتطرق التقرير كذلك إلى أوضاع العمالة الأجنبية في المملكة، مشيرًا إلى استمرار الانتهاكات بحق العمال والعاملات، بما في ذلك التأخر في صرف الأجور، وتقييد حرية التنقل، والعمل في ظروف غير إنسانية، وغياب آليات الشكاوى الفاعلة، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق العمال وفق المعايير الدولية.

قمع الصحافة والإعلام الحر

وركز التقرير على استمرار قمع الحريات الإعلامية وحرية الصحافة، حيث يشهد الوسط الإعلامي في السعودية رقابة صارمة وتحولًا متسارعًا نحو التوجيه الرسمي، ما أفقد الصحافة دورها المهني والمجتمعي، كما أشار التقرير إلى ملاحقة الصحفيين المستقلين، وإغلاق المساحات الحرة، وتحويل وسائل الإعلام المحلية إلى أدوات ترويج للنظام، في ظل غياب بيئة إعلامية آمنة تتيح النقد البنّاء والمساءلة.

عدم الالتزام بالمعايير الدولية وقرارات فريق الخبراء الأممي

وأكد التقرير أن الحكومة السعودية لا تزال بعيدة عن الالتزام بالاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، حيث ترفض الامتثال لتوصيات وتقارير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، وتتجاهل بشكل متكرر النداءات الدولية المتعلقة بالإفراج عن معتقلي الرأي، وضمان محاكمات عادلة، ووقف التعذيب وسوء المعاملة، كما لفت التقرير إلى تعمّد السلطات تعطيل آليات المساءلة الدولية، وعدم السماح لبعثات تقصي الحقائق بالدخول إلى المملكة.

دعوة لإصلاحات عاجلة

وفي ضوء هذه الانتهاكات المتصاعدة، دعت منظمة سند الحقوقية السلطات السعودية إلى إجراء إصلاحات جذرية وشاملة في المنظومة القضائية، تضمن استقلال القضاء ونزاهته، ووقف كافة أشكال التدخل السياسي في سير العدالة، كما طالبت المنظمة بإنهاء ملف الاعتقالات التعسفية فورًا، والإفراج غير المشروط عن كافة معتقلي الرأي، وضمان الحق في التعبير والتجمع السلمي وفقًا للمواثيق الدولية.

وفي ختام التقرير، دعت منظمة سند الحقوقية المجتمع الدولي والمنظمات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية، والضغط على السلطات السعودية من أجل وقف الانتهاكات المتواصلة، وضمان حماية حقوق الإنسان، ومحاسبة المتورطين في ممارسات القمع والتعذيب والتنكيل.

احصل على نسختك من التقرير من هنا: السعودية الموت المزدوجإعدامات سياسية وإهمال قاتل

زر الذهاب إلى الأعلى