الحكم بالسجن 83 عاماً لخمسة معتقلين لمجرد حضورهم ندوة عامة مصرح لها قبل 10 سنوات
حصلت منظمة سند الحقوقية على وثائق حصرية وسرية تتعلق باعتقال ومحاكمة خمسة من معتقلي الرأي، والحكم عليهم بالسجن بما مجموعه 83 عاماً والمنع من السفر مدة مماثلة، وفي التفاصيل قام الأمن السعودي باعتقال كل من المعلم المتقاعد محمد يحيى كدوان، وعدد من أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك خالد بأبها، وهم: الدكتور محمد علي الحازمي، الدكتور علي بن حسن الألمعي عسيري، الدكتور رشيد بن حسن بن محمد الألمعي، والدكتور قاسم محمد القثردي في يوليو 2021.
تكشف هذه الوثائق الانتهاكات التي تعرض لها المعتقلون الخمسة وطبيعة المحاكمات الصورية غير العادلة التي خضعوا لها، والأدلة الغريبة التي استخدمت لإدانتهم، بالإضافة إلى الأحكام الجائرة التي صدرت بحقهم، كما تسلط الضوء على حجم الظلم والقمع الذي تعرضوا له، مما يؤكد استمرار السلطات السعودية في انتهاكات حقوق الإنسان وزيادة وتيرة القمع يوماً بعد يوم.
تفاصيل المحاكمة
1- د. محمد بن علي الحازمي
أقدمت السلطات السعودية في 7 يوليو 2021 على اعتقال د. محمد بن علي الحازمي، أستاذ اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك خالد، وذلك بسبب حضوره ندوة “الحرية بين الشعار والحقيقة” التي قدمها د. سعود الفنيسان في ديوانية الدكتور عوض القرني عام ٢٠١٣ بالإضافة إلى عدد من التغريدات التي عبّر فيها عن رأيه وطالب فيها بالإفراج عن معتقلي الرأي، وإلقاء خطب جمعة مخالفة لتوجه الحكومة السعودية. تجدر الإشارة إلى أن الندوة المذكورة مصرحة رسمياً من الجهات المختصة بمنطقة عسير.
وقد وجه له الادعاء العام بناءً على الأسباب السابقة تهمة تأييد جماعة محظورة، والسعي للإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة وتعريض وحدتها للخطر، والتستر على من يحملون الأفكار الإرهابية، كما استند الادعاء أيضاً على حيازة الدكتور الحازمي كتاباً ممنوعاً في السعودية وفق زعم الادعاء، بالإضافة إلى إقرار مصدق لا يوجد فيه أي جريمة وإنما سيرة ذاتية ومعلومات شخصية عن المعتقل.
وقد طالب الادعاء العام بالحكم على الحازمي بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادتين 55 و34 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والحكم بالحد الأعلى من العقوبة الواردة في المادة 6 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وإغلاق حسابه على تويتر، بالإضافة إلى الحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة زاجرة له ورادعة لغيره، ومنعه من السفر خارج المملكة بعد انتهاء تنفيذ عقوبة السجن.
وقال الحازمي في معرض رده على الادعاء العام إن التغريدات التي اعتبرت إدانة له من حساب لا يتبعه أساساً، وأسلوبها عامي وركيك لا يناسب مكانته الأكاديمية كأستاذ للغة العربية، كما أنه قد حذف حسابه قبل ستة أعوام من اعتقاله، بالإضافة إلى أن التغريدات أيضاً، على فرض أنها صحيحة، ليس فيها تعاطف مع الموقوفين، وإنما فيها دعاء بأن يفرج الله عمن سُجن ظلماً.
وحول تأييده لجماعة محظورة والتستر على عدد ممن يحملون الفكر الإرهابي، قال الحازمي إن هذه التهمة شأنها شأن جميع التهم عامة ولا دليل عليها، والندوة التي استند عليها الادعاء كانت مصرحاً لها وحضرها أكثر من 50 رجلاً من عِلّية القوم وممن كانوا محل تقدير لدى المسؤولين ولم يكن صدر بحقهم أي اتهامات، بالإضافة إلى أن قانون مكافحة الإرهاب صدر بعد ذلك بخمس سنوات ولا يصح العقاب على فعل قبل صدور القانون عملاً بمبدأ عدم رجعية القوانين، وهو أمر محمي في المادة 38 من نظام الحكم، والتي تنص على أن العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي ولا عقاب إلا على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي، كما أن الادعاء لم يورد أي اسم تستر عليه ممن يحملون الفكر الإرهابي وهل هم مدانون فعلاً أم أنها تهم فضفاضة.
في السياق نفسه، أشار الحازمي إلى أن الخطبة التي ذكرها الادعاء العام كانت قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب، وأنه تم استدعاؤه إلى إمارة عسير حيث وقع تعهداً خطياً بعدم تكرار الخطبة، وأضاف أنه استمر في منصبه كخطيب لمدة ثلاث سنوات بعدها، كما أوضح الحازمي أنه خلال اجتماع مع وكيل إمارة عسير للشؤون الأمنية، أُبلغ بأن قضية الخطبة قد أُغلقت نهائياً بعد تقديم التعهد، مما يجعل التهمة الموجهة إليه غير صحيحة.
وحول الكتاب المحظور، قال الحازمي إن هذا الكتاب موجود في مكتبته منذ 40 عاماً وكان يباع في المكتبات العامة ولم يكن ممنوعاً، بالإضافة إلى أن قائمة الكتب الممنوعة غير معلنة من وزارة الإعلام” وفق تعبيره.
كما كشف الحازمي للقاضي عن الأسلوب الهمجي الذي تعرض له أثناء اعتقاله، إذ تم اعتقاله الساعة التاسعة مساء وتم اقتياده إلى منزله وشرعوا في تفتيش المنزل بشكل همجي، وهو أمر مخالف للقانون السعودي في المادة 52 من نظام الإجراءات الجزائية لانتفاء الضرورة للتفتيش ليلاً، فلم يكن الحازمي هارباً ولا توجد ضرورة لذلك، لكن المحكمة لم تهتم لذلك.
طالب الحازمي بالإفراج المؤقت عنه مع بقاء التحقيق والإجراءات القضائية نظراً لتدهور صحته وكبر سنه إذ تجاوز عمره 64 عاماً، ورغم عرضه تقارير الأطباء أمام المحكمة، إلا أنها رفضت طلبه.
ورغم بطلان ادعاءات النيابة العامة أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً قاسياً ضد د. محمد الحازمي بالسجن لمدة 23 عاماً ومثلها منعاً من السفر، بالإضافة إلى حذف حسابه على منصة X وإغلاقه بشكل نهائي، وهو الحساب الذي أنكر الحازمي صلته به، وجاء الحكم وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
2- محمد بن يحيى بن ناصر كدوان
أقدمت السلطات السعودية في 7 يوليو 2021 على اعتقال المعلم المتقاعد محمد كدوان، وذلك على خلفية حضوره ندوة أقيمت في منزل الدكتور عوض القرني قبل أكثر من تسعة أعوام من اعتقاله بعنوان: “الحرية بين الشعار والحقيقة” قدمها الدكتور سعود الفنيسان، وإلقائه كلمة في أحد المساجد.
وبناءً على هذه الأسباب وجهت له النيابة العامة تهمة تأييد الأفكار الإرهابية والتستر على من يحملون الفكر الإرهابي ويسعون للإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة وتعريض وحدتها للخطر، بالإضافة إلى الإساءة لعلماء الأمة الإسلامية، كما استندت النيابة العامة في لائحتها على إقرار مصدق بالتهم السابقة، إلا أن هذا الإقرار كان يتضمن فقط معلومات شخصية عن المعتقل، تشمل سيرته الذاتية من ولادته حتى تاريخ حضوره الندوة، بالإضافة إلى معلومات عائلية، دون أن يتضمن أي إشارة إلى جريمة أو اعتراف بارتكابها، مما يثبت بطلان الاستدلال المستند إليه.
وبناءً على ذلك طالبت النيابة العامة بالحكم على كدوان بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادتين 55 و34 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وعقوبة أخرى تعزيرية شديدة رادعة له ولغيره وفق تعبير المدعي العام، كما طالب الادعاء بالحكم عليه بالمنع من السفر وفقاً للمادة 53 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله.
وبالعودة إلى الأدلة التي استند عليها الادعاء العام، فإن الندوة التي أقيمت في منزل الدكتور عوض القرني كانت معلنة ومرخصة وحضرها عدد من الإعلاميين وتم نقلها عبر وسائل الإعلام، كما أن من قدم هذه الندوة الدكتور سعود الفنيسان كان يشغل حينها عميداً لكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وقال كدوان في معرض دفاعه أمام القضاء السعودي إنه لا يمكن اتهامه بالتستر على موقوفين في هذه الندوة التي تم بثها عبر وسائل الإعلام، وبالتالي فإن كل من حضر الندوة أصبح معروفاً لدى الجميع، كما أن الكلمة التي ألقاها في جامع أبها قد تمت محاسبته عليها في حينها ووقع تعهداً بعدم العودة لذلك، وتم منعه من الخطابة عقبها، ومنذ ذلك الحين توقف عن أي نشاط آخر وانشغل بنفسه وأسرته وفق تعبيره، كما أكد مقتَه للتطرف، وأنه لم يحضر أي منشط إلا ما كان مصرحاً له، كما أكد محمد كدوان أنه أجرى مسحاً أمنياً قبل اعتقاله ولم يجد أي ملاحظة أمنية عليه، كما أنه لم يدخل قسم شرطة مطلقاً، مما يبين أنه لا علاقة له بالإرهاب أو حتى المشاكل الأمنية الصغيرة.
تعرض محمد كدوان بالإضافة إلى اعتقاله إلى فصله من وظيفته لدى الجمعية الخيرية برجال ألمع وتم قطع راتبه، رغم أنه لديه زوجتين وعدد من الأبناء ولا يوجد لهم معيل سواه.
ورغم بطلان ادعاءات النيابة العامة أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً قاسياً ضد أ. محمد كدوان بالسجن لمدة 20 عاماً ومنعه من السفر لمدة مماثلة وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
3- د. علي بن حسن بن ناصر عسيري
أقدمت السلطات السعودية في 8 يوليو 2021 على اعتقال الدكتور علي بن حسن عسيري، الأستاذ المساعد في جامعة الملك خالد، وذلك بسبب حضوره ندوة بعنوان “الحرية بين الشعار والحقيقة” التي قدمها د. سعود الفنيسان في منزل الدكتور عوض القرني، وكذلك إقامة وليمة للدكتور الفنيسان في منزله، بالإضافة إلى عدد من التغريدات التي طالب فيها بالإفراج عن معتقلي الرأي، وحيازته كتابين اعتبرتهما السلطات السعودية ممنوعة من التداول.
بناءً على الأسباب المذكورة، وجه الادعاء العام اتهامات للدكتور علي عسيري بتأييد الفكر الإرهابي بالإضافة إلى تأييده جماعة محظورة، وحيازة مطبوعات تحتوي على أفكار ورموز هذه الجماعة بهدف الترويج لها، كما اتهم بالتستر على أشخاص يحملون الفكر الإرهابي ويعملون على زعزعة تماسك المجتمع وتهديد وحدة البلاد، دون إبلاغ الجهات الأمنية المختصة، بالإضافة إلى ذلك، تم اتهامه بالسعي للإخلال بالنظام العام وزعزعة استقرار المجتمع وتعريض الوحدة الوطنية للخطر، استناداً إلى مشاركته في الندوة والمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي من خلال تغريدات.
وعلى إثر هذه الادعاءات والتهم المزعومة، طالب الادعاء العام بالحكم عليه بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المواد 55 و34 و43 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والحكم بالحد الأعلى من العقوبة الواردة في المادة 6 سجناً وغرامةً مالية من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، والحكم بمصادرة جهازه الجوال وإلغاء شريحة الاتصال التي يستخدمها وإلغاء حسابه على تويتر، الحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة زاجرة له ورادعة لغيره، بالإضافة إلى منعه من السفر خارج السعودية بعد انتهاء تنفيذ عقوبة السجن.
الجدير بالذكر أن الادعاء العام قدم ضمّن أدلته إقراراً موقعاً عليه من المعتقل علي عسيري، لكن هذا الإقرار لا يوجد فيه أي جريمة؛ إنما مجرد معلومات شخصية وعائلية للمعتقل، وقد أكد ذلك العسيري بقوله “الإقرار الذي قيل إنني وقعت عليه واعتبر ضمن الأدلة هو إقرار على حياتي الشخصية وبياناتي وسفرياتي ولا دليل فيها”، وفي السياق ذاته، فإن الدكتور علي عسيري، رغم بلوغه السبعين من عمره، لم يتعرض لأي مساءلة أمنية ولم يدخل أي مركز أمني.
وبالعودة إلى التهم والأدلة التي استند عليها الادعاء العام، فإن الندوة المذكورة هي نفس الندوة التي اعتقل بسببها كدوان والحازمي، وبالتالي لا جديد فيها سوى ما ذكر سابقاً، إضافة إلى أنه التزم الصمت في الديوانية ولم يشارك لا سلباً ولا إيجاباً، وقد نفى الدكتور علي عسيري أي صلة له بأي جماعة إرهابية، كما أن الكتب التي في مكتبته اقتناها بحكم أنه أستاذ في العقيدة ويحتاج لمعرفة كل الفرق والجماعات، وهو أمر مندرج ضمن البحث العلمي.
ورغم بطلان ادعاءات النيابة العامة أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً قاسياً ضد د. علي عسيري بالسجن لمدة 23 عاماً ومثلها منعاً من السفر، ومصادرة هاتفه، وإغلاق حسابه على منصة X، وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
4- د. رشيد بن حسن بن محمد بن علي حسن
اعتقلت السلطات السعودية الدكتور رشيد بن حسن، الأستاذ في جامعة الملك خالد بأبها، في 8 يوليو 2021، وذلك بسبب حضوره ندوة مصرحاً لها بعنوان “الحرية بين الشعار والحقيقة” التي قدمها د. سعود الفنيسان في منزل الدكتور عوض القرني قبل اعتقاله بتسع سنوات، بالإضافة إلى حيازته كتاب “من هدي الإسلام فتاوى معاصرة”.
وقد وجه له الادعاء العام بناءً على ذلك تهمة تأييد الفكر الإرهابي، وتستره على عدد ممن يحملونه، بالإضافة إلى السعي والاجتماع مع من يسعى إلى الإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة وتعريض وحدتها للخطر.
وقد طالب الادعاء بالحكم عليه بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادتين 55 و34 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة زاجرة له ورادعة لغيره، إضافة إلى مصادرة الكتاب المضبوط بحوزته، والحكم بمنعه من السفر خارج المملكة بعد انتهاء تنفيذ عقوبة السجن.
وفي السياق ذاته أكد د. رشيد حسن عدم مراعاة القضاء لأقوال المعتقلين، بالإضافة إلى عدم جدية وعمومية التهم التي وجهها الادعاء العام، وحول حضوره الندوة قال الدكتور رشيد إنه لم يكن يعلم أن في الندوة موقوفون، ونفى علمه بأن أي أحد من الحضور يحمل الفكر الإرهابي وفق زعم السلطات، كما أفاد بأنه لم يكن إلا مدعواً فقط ولم يكن مقترحاً للضيف أو العنوان ولا حتى كان لديه علم بمحتوى الندوة، بالإضافة إلى أنه لم تتح له فرصة لإبداء رأي خلال الندوة وظل صامتاً طيلتها، وقد عبر عن استغرابه من إدانته بذلك دون دليل صحيح معتبر.
وحول وجود كتاب “من هدي الإسلام” بحوزته، قال رشيد إنه اقتنى هذا الكتاب لما علم بمقدم مؤلفه للمملكة لاستلام جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية، وهو مجرد كتاب فقهي لا علاقة له بالأفكار الإرهابية، كما أن اقتناء الكتاب لا يعني الموافقة على آراء مؤلفه، ويجدر التأكيد على أن مؤلف الكتاب كان يحظى بقبول لدى السلطات السعودية وإلا لم يكن ليعطى جائزة الملك فيصل.
وقد طالب د. رشيد من القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الحبس والإفراج المؤقت عنه نظراً لمعاناته من مرض عصبي شديد مزمن مثبت بالتقارير، كما أن السجن قد تسبب له بآلام شديدة، وأكد أن صحته تتدهور يوماً بعد يوم، لكن القاضي لم يعر له أي اهتمام ورفض مطالبه.
ورغم بطلان ادعاءات النيابة العامة أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً قاسياً ضد د. رشيد بن حسن بالسجن لمدة 9 سنوات ومثلها منعاً من السفر وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب
5- د. قاسم بن أحمد بن عبد الله القثردي
أقدمت السلطات السعودية في 8 يوليو 2021 على اعتقال د. قاسم القثردي، الأستاذ المتقاعد في جامعة الملك خالد بأبها، وذلك لذات الديوانية التي اعتقل بسببها الآخرون، إضافة إلى حيازته كتابي “حتى لا تكون فتنة” لغازي القصيبي، و”الوجودية”.
وبناء عليها وجهت له السلطات السعودية تهمة تأييد الفكر الإرهابي وتستره على عدد ممن يحملونه، بالإضافة إلى السعي والاجتماع مع من يسعى إلى الإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة وتعريض وحدتها للخطر، وقد اعتبر الادعاء العام حيازته على كتابي “حتى لا تكون فتنة” و”الوجودية” مشاركة في السعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية.
وقد طالب الادعاء بالحكم عليه بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادتين 55 و34 من نظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، والحكم عليه بعقوبة تعزيرية شديدة زاجرة له ورادعة لغيره، إضافة إلى مصادرة كتابي “حتى لا تكون فتنة” و”الوجودية”، ومنعه من السفر عقب انتهاء محكوميته.
من جانبه نفى القثردي أي تأييد له لأي فكر أو جماعة إرهابية، وقال بأن الديوانية التي اعتقل بسببها كانت قبل صدور قانون مكافحة الإرهاب، وهو ما كرره كافة المعتقلين، كما أنكر القثردي ادعاء النيابة بأنه أقر على التهم السابقة في دفتر التحقيق.
وحول حيازته كتابين ممنوعين وفق زعم السلطات السعودية، قال القثردي إن الكتب لم تكن ممنوعة بل مسموح بيعها بشكل عام، كما أن حيازة أي كتاب لا تعني الموافقة على مؤلفه في آرائه، بالإضافة إلى أن كتاب “حتى لا تكون فتنة” مؤلفه غازي القصيبي كان مسؤولاً حكومياً في فترات متلاحقة، أما كتاب “الوجودية” فهو كتاب فلسفي يدرس في أقسام العقيدة والمذاهب المعاصرة في الجامعة.
وقد طلب الدكتور قاسم القثردي من القضاء الإفراج المؤقت عنه نظراً لكبر سنه، وكبر الأسرة التي يعولها، وأبدى استعداده لدفع الكفالة التي تقررها المحكمة، لكن القاضي رفض ذلك.
ورغم بطلان ادعاءات النيابة العامة أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة حكماً قاسياً على د. قاسم القثردي بالسجن لمدة 8 سنوات ومثلها منعاً من السفر وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
أحكام جائرة
رغم أن الإقرارات التي قدمها الادعاء العام كانت مجرد سيرة ذاتية ومعلومات شخصية ولا يوجد فيها أي إقرار بجريمة أو تهمة، إلا أن المحكمة الجزائية المتخصصة عدت ذلك أحد الأدلة المعتبرة في إصدار الأحكام ضد المعتقلين، كما كررت المحكمة الاتهامات غير المسنودة بالأدلة التي تقدم بها الادعاء.
كما يجدر الإشارة إلى أن كل الأدلة المعتبرة لدى المحكمة كانت قبل صدور أي مادة من المواد التي استندت عليها في إصدار الأحكام، وقد جاءت الأحكام على الشكل التالي:
• الحكم على د. محمد الحازمي بالسجن لمدة 23 عاماً ومثلها منعاً من السفر، بالإضافة إلى حذف حسابه على منصة X وإغلاقه بشكل نهائي، وهو الحساب الذي أنكر الحازمي صلته به، وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
• الحكم على أ. محمد كدوان بالسجن لمدة 20 عاماً ومنعه من السفر لمدة مماثلة وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
• الحكم على د. علي عسيري بالسجن لمدة 23 عاماً ومثلها منعاً من السفر، ومصادرة هاتفه، وإغلاق حسابه على منصة X، وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
• الحكم على د. رشيد بن حسن عسيري بالسجن لمدة 9 سنوات ومثلها منعاً من السفر وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
• الحكم على د. قاسم القثردي بالسجن لمدة 8 سنوات ومثلها منعاً من السفر وفقاً لقانون نظام مكافحة الإرهاب.
تمت محاكمة المعتقلين في الدائرة الثلاثية الأولى بالمحكمة الجزائية المتخصصة، وقد تناوب على جلسات المحاكمة قبل صدور الحكم كلٌ من القاضي بدر بن عبدالله الريس، والقاضي نايف بن فهد الجارالله، والقاضي ضيف الله بن عبد المجيد السلمي، والقاضي عبدالعزيز بن سفر العضياني، وفي الجلسة الأخيرة، أصدر الحكم القاضي نايف بن فهد الجارالله، رئيس الدائرة، بمشاركة القاضي عبدالله بن حمود المرزوقي والقاضي طارق بن إبراهيم الهزاني.
كما تناوب على تمثيل الادعاء العام كلٌ من طارق بن إبراهيم الهزاني، وفارس بن محمد العمري، وتركي حويزي القحطاني، وصدر الحكم بحضور المدعي العام خالد بن عبدالله المقرن.
ومن الإشكاليات القانونية التي تؤكد أيضًا مهزلة القضاء في السعودية مشاركة طارق بن إبراهيم الهزاني في الجلسة الأولى بصفته مدعياً عاماً، وفي الجلسة الأخيرة بصفته قاضياً ضمن لجنة القضاء التي أصدرت الأحكام ضد المعتقلين.
ولا يزال المعتقلون محتجزين في سجن المباحث العامة في أبها منذ اعتقالهم في يوليو 2021، كما لا يزال الدكتور عوض القرني، الذي أُقيمت الندوة في منزله، معتقلاً منذ سبتمبر 2017، وتطالب النيابة العامة بإعدامه، من جهة أخرى، تم الإفراج عن الدكتور سعود الفنيسان بعد انتهاء محكوميته في نوفمبر 2023، وقد دام اعتقاله أكثر من ثلاث سنوات ونصف.
الخاتمة
إن حالات الاعتقال والمحاكمات الجائرة التي تعرض لها هؤلاء الأكاديميون والمثقفون تعكس الواقع المؤلم لحرية التعبير وحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، وتعبّر التهم الملفقة والأحكام القاسية عن نهج ممنهج في قمع الأصوات المستقلة والمعارضة، مما يقوض مبادئ العدالة وسيادة القانون.
تدعو منظمة سند الحقوقية إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الانتهاكات، من خلال الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين الذين تناولهم التقرير كون التهم الموجهة إليهم لا تستدعي الاعتقال فضلا عن المحاكمة، كما تشدد المنظمة على ضرورة تدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للضغط على السلطات السعودية لوقف هذه الممارسات التعسفية وضمان حقوق الأفراد في التعبير عن آرائهم دون خوف من الانتقام.