
سند الحقوقية: أرسلنا خطابًا رسميًا لرئيسة هيئة حقوق الإنسان بشأن إعدام الصحفي تركي الجاسر.. ولم نتلق أي رد حتى الآن
في خطاب أُرسل لرئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية: سند تطالب الهيئة بالتحرك الجاد في قضية إعدام تركي الجاسر والقيام بدورها المفروض تجاه حقوق الإنسان.
لندن – 21 يونيو 2025
كشفت منظمة سند الحقوقية أنها وجهت خطابًا رسميًا إلى معالي رئيسة هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، طالبت فيه بتوضيح موقف الهيئة من تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي السعودي تركي الجاسر، دون أن تتلقى حتى تاريخه أي رد رسمي أو توضيح من الهيئة.
وأكدت المنظمة في خطابها أن إعدام الجاسر، بعد اعتقاله تعسفياً منذ عام 2018، وإخفائه قسرياً، وتعريضه للتعذيب الجسدي والنفسي، يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويطرح تساؤلات جدية حول مسار العدالة والإجراءات القضائية المتبعة في المملكة، خصوصاً في ظل غياب الشفافية وانعدام المعلومات الرسمية حول القضية.
وشددت سند على أن حرية التعبير، بما في ذلك عبر المنصات الرقمية، هي من الحقوق الأساسية التي لا يجوز التضييق عليها أو تجريمها، وأشارت إلى أن التهم المنسوبة إلى الجاسر وملابسات محاكمته تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة.
وطالبت المنظمة هيئة حقوق الإنسان السعودية بالقيام بدورها الوطني في التحقيق في ملابسات هذه القضية، والإفصاح عن أي معلومات متوفرة لديها بشأنها، تماشياً مع التزامات المملكة الدولية في مجال حقوق الإنسان.
واعتبرت المنظمة أن التزام السعودية بتطوير بيئتها الحقوقية والانفتاح على مبادئ العدالة يستدعي من هيئة حقوق الإنسان تحمّل مسؤولياتها الكاملة في حماية الحقوق الأساسية ومساءلة أي تجاوزات خطيرة، خاصة تلك التي تمس الحق في الحياة.
نص الخطاب:
معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نتوجه إليكم بهذا الخطاب ونحن نتابع بقلق بالغ الأنباء المتداولة عن تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي السعودي تركي عبد العزيز الجاسر، والتي أثارت موجة من القلق العميق في الأوساط الحقوقية والإنسانية داخل المملكة وخارجها، إنّ مثل هذا الحدث المؤلم والانتهاك الخطير، يمثل تطورًا بالغ الخطورة يستدعي الوقوف أمامه بمسؤولية وجدية، خاصة لما يحمله من دلالات تمس جوهر الحقوق والحريات الأساسية التي يفترض أن تكفلها الدولة لمواطنيها بموجب أنظمتها الوطنية والتزاماتها الدولية، وأن يكون للمؤسسات الحقوقية في الداخل والخارج دور بارز لكشف الدور المباشر للحكومة السعودية في هذا الانتهاك.
إنّ حرية التعبير، بما في ذلك التعبير السلمي عبر الوسائل الرقمية ومنصات التواصل، تظل من الركائز الأساسية التي لا يمكن لأي منظومة حقوقية تجاهلها أو الانتقاص منها تحت أي ذريعة، وإن ما يثار حول تعرض الصحفي تركي عبد العزيز الجاسر لملاحقة، واتهامه على خلفية ممارسته لهذا الحق، واعتقاله تعسفيا، واخفاءه قسرياً، وتعذيبه نفسيا وجسدياً منذ عام ٢٠١٨، ثم الحكم عليه بالإعدام، يدعو إلى كثير من التساؤلات الجادة حول مسار العدالة الذي اتُّبع في هذه القضية، وضمانات المحاكمة العادلة التي حصل عليها، ومدى شفافية الإجراءات المتخذة ضده، خصوصًا في ظل انعدام الشفافية تجاه الإجراءات العدلية والجزائية في السعودية والغياب التام لأي تفاصيل رسمية توضح للرأي العام ظروف القضية وتداعياتها. وهو ما يؤكد أن الجاسر لُفقت له تهم فضفاضة من أجل القضاء على حياته.
من منطلق الحرص على احترام الكرامة الإنسانية وصون الحق في الحياة، نرى أن من واجب هيئة حقوق الإنسان التي يفترض أنها الجهة الوطنية المعنية برصد ومتابعة أوضاع حقوق الإنسان، أن تقوم بدورها في التنديد بهذا الانتهاك، وتوضيح الملابسات المرتبطة بهذه القضية. ونأمل منكم تبيان ما إذا كانت الهيئة قد اطّلعت أساساً على تفاصيل هذا الملف، وما الإجراءات التي قامت بها للتحقق من طبيعة التهم المنسوبة، وظروف الاحتجاز، ومستوى الالتزام بالضمانات القانونية التي تفتضيها العدالة، لا سيما في القضايا التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
إننا اذ نندد ونرفض هذه العقوبة، ونستنكر اعدام تركي الجاسر ونعتبره انتهاكاً فاضحاً لحقوق الانسان، نطلب منكم التعاون في تزويدنا بأي معلومات متوفرة لديكم بشأن هذا الانتهاك، سواء إن كانت الهيئة رصدته بشكل مباشر، أو وصل إليها من الجهات القضائية أو الرسمية، وذلك حرصًا على الشفافية وحماية حرية الحقوق الحريات.
إن التزام المملكة بتطوير بيئتها الحقوقية والانفتاح على مبادئ العدالة يتطلب من كافة المؤسسات، وعلى رأسها هيئتكم، دورًا استباقياً ومسؤولًا في حماية الحقوق الأساسية، ومساءلة أي تجاوزات قد تقع، خاصة إذا مست الحق في الحياة، الذي لا يمكن التهاون فيه أو السكوت عنه. لاسيما أنه يأتي بقرار وبموافقة رسمية من الملك أو من ينيبه.
إننا نعبّر عن أملنا في تجاوبكم الإيجابي معنا، بما يعكس التزاماً من هيئتكم بالدفاع عن حقوق الإنسان دون تمييز أو استثناء. ونأمل للتواصل معكم لمتابعة هذه القضية، بما يسهم في كشف الحقيقة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة التي تهز الضمير الإنساني.
منظمة سند الحقوقية
لندن