
سند ترسل خطابًا مفتوحًا إلى وزير العدل السعودي حول إعدام تركي الجاسر: “نندد بهذه السابقة الخطيرة وندعو لإصلاح القضاء ووقف التدخلات الحكومية”
لندن – 19 يونيو 2025
أرسلت منظمة سند الحقوقية اليوم خطابًا مفتوحًا إلى وزير العدل السعودي الدكتور وليد الصمعاني، أعربت فيه عن إدانتها الشديدة لتنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي السعودي تركي عبدالعزيز الجاسر، ووصفت هذا التطور بأنه “سابقة خطيرة تهدد منظومة العدالة في المملكة، وتمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الحياة وحرية الرأي والتعبير“.
وقالت المنظمة في رسالتها إن “الأنباء المتداولة حول تنفيذ هذا الحكم الجائر صدمت الرأي العام المحلي والدولي، وأثارت موجة استنكار واسعة في الأوساط الحقوقية“، مشيرة إلى أن الحكم صدر بناءً على أنشطة سلمية في التعبير عن الرأي عبر الوسائل الرقمية، في مخالفة فاضحة للقوانين الدولية والمبادئ الشرعية.
واتهمت سند منظومة القضاء في السعودية بأنها “فاقدة للاستقلالية وتخضع لهيمنة الأجهزة الحكومية والأمنية“، مشيرة إلى “التدخل المباشر لولي العهد السعودي في مسار الأحكام القضائية“، وحمّلت وزارة العدل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية عن هذه الانتهاكات، نظراً لدورها في إدارة منظومة العدالة والإشراف على سير المحاكمات.
وأشارت الرسالة إلى أن الحكم بحق الجاسر صدر في غياب كامل لضمانات المحاكمة العادلة، وسط “أجواء من التعتيم والإخفاء القسري والتعذيب“، وغياب الشفافية في الإجراءات القضائية، معتبرة أن القضية “لا تتعلق بحكم فردي بل بمصداقية النظام القضائي برمته“.
كما شددت المنظمة على أن تنفيذ حكم الإعدام في قضايا تتعلق بحرية التعبير “لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة“، مطالبة وزارة العدل بـ“موقف شفاف وواضح“، وكشف تفاصيل القضية والإجراءات القانونية التي استند إليها الحكم، وإجراء تحقيق مستقل ونزيه في هذه القضية وسواها من الأحكام المرتبطة بحرية الرأي.
وختمت سند رسالتها بالتأكيد على دعوتها لـ“مراجعة شاملة لمنظومة العدالة في السعودية بما يضمن استقلالها ونزاهتها، وصونها من التوظيف السياسي والأمني“، مطالبة بوقف فوري لأي أحكام إعدام تُنفذ على خلفية قضايا الرأي.
نص الخطاب:
د. وليد الصمعاني
وزير العدل في المملكة العربية السعودية
نبعث لكم هذه الرسالة، ونحن نتابع بقلق بالغ ورفض شديد الأنباء المتداولة بشأن تنفيذ حكم الإعدام بحق الصحفي السعودي تركي عبد العزيز الجاسر، وهي الأنباء التي صدمت الرأي العام وأثارت استنكارًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإنسانية.
إنّ صدور هذا الحكم – وما يُثار من أنه استند إلى ممارسات سلمية في التعبير عن الرأي عبر الوسائل الرقمية، يمثل انتهاكًا صارخًا لأبسط مبادئ العدالة، وخرقًا واضحًا للحق في الحياة وحرية الرأي والتعبير، وهما من الحقوق المكفولة بموجب القوانين الدولية، بل والمبادئ الشرعية التي قامت عليها العدالة في الإسلام، هذا التطور الخطير يضع النظام العدلي السعودي أمام مساءلة تاريخية وأخلاقية، خصوصًا في ظل الاتهامات المتكررة بانعدام استقلالية القضاء وهيمنة الحكومة وأجهزتها التنفيذية والأمنية على مسارات التقاضي.
رغم علمنا عن تدخل الحكومة السعودية خاصة ولي العهد السعودي بالأحكام القضائية، إلا إننا نحمل وزارتكم، بصفتها الجهة المعنية بإدارة منظومة العدالة والإشراف على سير المحاكمات، المسؤولية المباشرة عن هذا الحكم الجائر، الذي يُعتقد إنه صدر في ظل غياب كامل لضمانات المحاكمة العادلة، وفي أجواء من التعتيم والإخفاء القسري، والتعذيب، والحرمان من الحق في الدفاع والتقاضي العلني، فالقضية لا تتعلق فقط بحكم فردي، بل تمس مصداقية منظومة القضاء بأكملها، وتعكس ما نراه غيابًا مقلقًا للفصل بين السلطات، وهو ما يؤدي إلى استخدام المؤسسات القضائية أداةً للقمع بدلًا من أن تكون ملاذًا للعدالة والإنصاف.
إن إصدار حكم بالإعدام في قضايا تتعلق بحرية التعبير والرأي، ثم تنفيذه بصمت، بعيدًا عن الشفافية والمساءلة، لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، ويشكّل سابقة خطيرة تؤكد أن النظام العدلي في المملكة لا يزال يفتقر إلى الاستقلالية، وإلى المعايير الحقوقية التي يفترض أن تشكل أساس أي محاكمة عادلة، وإن استمرار هذه الانتهاكات يضرب ما تدّعيه المملكة من إصلاحات عدلية وتشريعية، ويضعف من صورتها أمام المجتمع الدولي.
إننا نطالب وزارتكم بموقف واضح وشفاف من هذه القضية، وبالكشف عن التفاصيل والإجراءات التي اتبعت، والأسانيد القانونية التي بُني عليها هذا الحكم، إن وجدت، كما نطالب بتحقيق مستقل ونزيه في حيثيات هذه القضية وغيرها من الأحكام التي ترتبط بحرية التعبير، وبوقف فوري لأي أحكام إعدام تنفذ على خلفية قضايا الرأي.
وإننا إذ نندد بشدة بهذا الانتهاك الجسيم، ونحمّلكم بصفتكم وزير العدل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية عما جرى، ندعوكم إلى مراجعة شاملة لمنظومة العدالة بما يضمن استقلالها ونزاهتها، وصونها من التوظيف السياسي أو الأمني، وضمان ألا يكون مصير أصحاب الرأي الحر هو السجن أو الإعدام.
منظمة سند الحقوقية
لندن