المؤتمر الدولي الثاني للتدريب القضائي في السعودية، غسيل للسمعة القضائية 

أقامت وزارة العدل السعودية ما يسمى بـالمؤتمر الدولي الثاني للتدريب القضائي، حيث استقطبت عدداً من خبراء القانون والقضاة من مختلف دول العالم، وذلك في إطار سياسة ممنهجة اعتمدتها الحكومة في السنوات الأخيرة لغسل سمعتها الحقوقية والتغطية على سجلها القضائي المسيس وقانونها الجزائي الأسود المثقل بالانتهاكات.

فبينما تنظّم السلطات مثل هذهالبرامج التدريبية، لا يزال القضاء السعودي منعدم الاستقلالية، ناقص للإجراءات العدلية والجزائية، بل  ويمارس أبشع أشكال القمع الممنهج، في ظل تحويله إلى أداة بيد الحكومة السعودية، حيث صدرت أحكام بالإعدام على خلفية تغريدات أو تعبير سلمي عن الرأي، كما حدث مع الصحفي تركي الجاسر، ولا يزال المئات من معتقلي الرأي يقضون أحكاماً قاسية وطويلة الأمد بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير.

أصدر القضاء السعودي أحكاماً قاسية بحق أشخاص لمجرد تغريدات في تويتر مثل نوره القحطاني ( 45 سنة ) ومحمد الغامدي ( 30 سنة) كما أصدر ما مجموعه 83 سنة لخمسة أشخاص حضروا ديوانية مصرحه  وهم ( محمد كدوان، محمد الحازمي، علي حسن الألمعي، رشيد الألمعي، وقاسم القثردي الذي توفي في السجن بسبب الاهمال الطبي ) وحكم على سعود الهاشمي بالسجن 30 عاماً قضى منها حتى الآن أكثر من 18 عاماً في السجن، غير أولئك الذي تم إعدامهم بتهم فضفاضه رغم عدم ثبوت قيامهم بالقتل أو الشروع فيه مثل ظافر الشهري الذي أعدم بسبب تغريدة، كما أعدم جلال اللباد بتهم مزعومة كان لا يزال قاصرًا أثناء وقوعها، بالإضافة إلى إعدام عبدالمجيد النمر بتهمة لم تكن ضمن صك المحاكمة.

إلى جانب الأحكام الطويلة الأمد، توقفت محاكمات العشرات من معتقلي الرأي منذ أكثر من خمس سنوات، من بينهم د. سلمان العودة، ود. عوض القرني، ود. علي بن حمزة العمري، ود. حسن المالكي، والأخطر أن النيابة العامة لا تزال تطالب بإعدامهم على خلفية آرائهم السلمية.

وفي تصريح لرئيس مجلس أمناء سند قال الدكتور سعيد الغامدي، إن القضاء يمثل القيمة العليا التي تحفظ كرامة الدول والشعوب، مؤكدًا أن: “القضاء هو عِرض أي دولة تحترم نفسها وشعبها“.

وأوضح الدكتور الغامدي أن أبرز ما يسيء إلى مكانة القضاء هو التدخل السياسي والأمني في القضايا، خاصة تلك المرتبطة بالشأن العام وحقوق الإنسان، مشددًا على أنه: “لاشيء يَنتهك هذا العرض مثل التدخل السياسي والأمني في القضايا وخاصة المتعلقة بالشأن العام وحقوق الإنسان“.

وانتقد رئيس مجلس أمناء سند القوانين التي تُفرض بإرادة الحاكم بعيدًا عن الأسس الشرعية والطرق النيابية، مثل ما يسمى قانون الإرهاب والجرائم المعلوماتية، معتبرًا أن السعودية: “أمام ظاهرة فردية متنمرة على الخلق ومتنكرة للحق“.

إن مشاركة بعض الشخصيات والمؤسسات الدولية في مثل هذه الفعاليات لا تعكس بأي حال من الأحوال دعماً للتطوير القضائي، بل تمثل مساهمة مباشرة في التغطية على الجرائم والانتهاكات المستمرة، ومساهمة مباشرة في غسيل سمعة القضاء السعودي المشوهه، إن كل من حضر هذا المؤتمر يتحمل مسؤولية أخلاقية جسيمة، إذ أصبح شريكاً في عملية التلميع وغسل السمعة للنظام القمعي السعودي وقضائه المسيس.

إننا إذ نستنكر في منظمة سند الحقوقية بشدة مشاركة بعض الشخصيات القانونية في هذه الفعالية، نؤكد أن إصلاح القضاء السعودي لا يكون عبر مؤتمرات دعائية تُستغل للتغطية على التجاوزات والجرائم والانتهاكات، بل عبر خطوات جادة تبدأ بالإفراج الفوري عن معتقلي الرأي، ووقف أحكام الإعدام الجائرة، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، والعمل على بناء نظام قضائي مستقل وشفاف يقيم العدل بدل المشاركة في الظلم.



زر الذهاب إلى الأعلى